رباب دوله
لم تعد تلك الأخبار العاجلة التي تصدر عن وسائل الإعلام حول محاولة أشخاص إلقاء أنفسهم من أعلى جسر عبدون ذات أهمية كبرى، أو تحرك فيهم التعاطف كما كانت سابقا، حيث أصبح من الأخبار الاعتيادية، خصوصا أن من يزعم الانتحار يتراخى ويتراجع بعد مفاوضات قصيرة، ثم يحال إلى القضاء ويدفع بدل غرامة بحسب القانون، كانت آخر هذه الأمثلة فتاة تم تغريمها قبل أيام عشرة دنانير بسبب محاولتها الانتحار.
هل أصبح اليائسون والمحبطون من ضغوطات الحياة مطالبين بأن يختاروا مكانا آخر بخلاف جسر عبدون الذي خفت بريقه "انتحاريا"؟
كل ذلك جاء في غمرة تغاضي مختلف الجهات المعنية والرسمية عن معالجة أسباب ودوافع هؤلاء الأشخاص اللذين يقدمون على مثل هذه السلوكيات، ففي حين تزداد الإحصائيات عاما بعد عام من ارتفاع معدلات الانتحار أو التهديد به، لم نسمع حتى اللحظة عن قيام جهة ما بدراسة أوضاعهم ودوافعهم، والوصول إلى حلول قد تحد من عدد الأشخاص اللذين يهددون بالإقدام على محاولات الانتحار.
في المقابل هنالك من لم يسعفه الحظ بالتفاوض مع الجهات المعنية، فأصبح جثة هامدة تحت جسر عبدون، وينتهي الخبر عبر وسائل الإعلام بالعنوان التالي "العثور على جثة ثلاثيني أسفل جسر عبدون" ودائما المبرر لدى بعض الجهات أن من أقدم على هذا الفعل يعاني ما اضطرابات نفسية، فهل قامت هذه الجهات بدراسة هذه العوامل النفسية حتى لا يحذو حذوه الآخرين؟
كانت في السابق بما يعرف "عمارة الداخلية"، وبعد عدة محاولات تم إغلاق جميع المنافذ التي تسمح بدخول الأشخاص إلى سطح المبنى، وبالتالي توجه المهددين بالانتحار إلى جسر عبدون والذي لم تجد الجهات الرسمية حلا لوقف محاولات الانتحار.
فهل أصبح من يهدد بالانتحار مطالب بالبحث عن جسر آخر أو عمارة أخرى لإعادة الأضواء على مثل هذه الأفعال؟، أم أن على بعض الجهات المعنية أن تذهب إلى جسر عبدون وتعقد اجتماع هناك تحلل من خلاله الأسباب والدوافع لهذه الأفعال؟
الحالات أصبحت تتكرر، دون أدنى معالجة لهذه الأسباب وكذلك دون وجود ما يمنع هؤلاء الأشخاص من اعتلاء الجسر والتهديد بإلقاء أنفسهم عنه ، فهل نحن بحاجة إلى كاميرات مراقبة أم بحاجة إلى تواجد أمني على هذا الجسر؟
ملاحظة: يرجى تطويق اللجنة التي تقوم بدراسة حالات الانتحار أو التهديد به خلال تواجدها على الجسر حتى لا تهدد هي الأخرى بالانتحار من أعلى الجسر كذلك.
والسؤال الأخير: هل مطلوب تغيير أماكن محاولات الانتحار أم دراسة أسبابه؟
نترك الجواب للجهات الرسمية.