فايز الفايز
على الرغم من أن العراقي الملحدّ فاز بمسابقة حرق نسخة من المصحف الكريم بدعم الشرطة السويدية، فإن سلسلة حرق نسخ المصحف الكريم لن تتوقف مهما كان الثمن، ذلك أن العقيدة الإيمانية مفقودةً عند أجيال بعيدة الزمّن في أوروبا تحديداً، فالسويد وفقاً لمسح الإيذاء الإجرامي 2005 فإنها تمتلك معدلاً فوق المتوسط من الجريمة وأعلى من المعدل المتوسط من الهجمات والاعتداءات الجنسّية وجرائم الكراهيّة والاحتيال على المستهلكين والسطو ومشاكل المخدرات واختطاف الأطفال من اللاجئين بذرائع واهية.
في المقابل فإن فرنسا فازت هي الأخرى بأقذر تاريخ استعماري حول العالم، بدأ في ما تسمى اليوم الولايات المتحدة وانتهت في شرق آسيا، مرورا بدول أفريقيا والشمال العربي واستعبادهم للبشر، وهاهي النيران تستعر فيها لمقتل صبيّ من أصل عربي.
الإشكالية السخيفة لدى تلك الدول تتمثل بالكبرياء الذي يظهروه على أنهم أم الحضّارة، ولو عدنا إلى تاريخ أوروبا قبل قرنين فقط سنرى كم كانت شوارع المدن الأوروبية تمتلى بالفضلات والقاذورات التي تخرج من بطونهم، ما استدعى البحث عن عمال نظافة ليرفعوا القاذورات، قبل أن يتم اكتشاف العطور خصوصا الفرنسية لتغطية الروائح التي تزكم أنوفهم، فهم لا يستحمّون، والأدهى أنهم يدخلون الكنائس بلباسهم المتسخ، واقرأوا عن تلك الحقبة، وكل هذا قبل أن يُدخل المسلمون الحمامات واستخدام المياه إلى أوروبا ومنها الحضارة الإسلامية في إسبانيا.
اليوم لم تعد القضية مجرد حرية شخصية لحرق المصحف أو مطاردة المسلمين والتضييق عليهم، بل إن ذلك بات يشجع غيرهم من الأمم، ولننظر ماذا يفعل الهندوس بالمسلمين الهنود من قتل وإحراق لمنازلهم ومساجدهم، يقابل ذلك عبودية للبقر يقوم عليها أفواج من المختلين، حيث يستلقون أمام البقر لتدوسهم بأقدامها ثم يسبحون في مستنقعات مليئة بروث البقر، وهذا فعل شيطاني، لا يمت للتمدن ولا للحضارة بشيء، فلا الألبسة الفاخرة وربطات العنق أو العطور يمكنها أن تخبئ الكراهية التي يبطوننها ضد الأديان والعقائد الأخرى، فيما العالم الإسلامي مهما أ?در من بيانات وتنديد بالسماح لحرق المصاحف، فلن يتوقف هذا أبداً.
الطريف في الأمر أن الأسس التي بنت عليها الحضارة الأوروبية علومها وصناعتها وثقافتها كانت مستمدة من العلماء المسلمين، الذين لم يبخلوا بتعريف تلك الحضارة بما يفيد البشرية، وشيئاً فشيئاً خبت العلوم بكافة أشكالها عند المسلمين لحساب الغرب المتربص، وليس المسلمون فحسب بل بالعلماء العرب من المسيحيين خصوصا أنهم أبناء هذه الأرض المقدسة قبل أن تقوم الحروب الأوروبية بينهم، أو استجماعهم على أن يغزوا الشرق العربي في الألفية الأولى.
وفي العودة إلى قضية الكراهية الغربية للشرق، لا ننسى كيف بنى المسلمون حضارة في الأندلس وفي أوروبا التي لا تزال الصروح الآخاذة هناك، وهندسة المياه بعد أن دكت سنابك خيولهم أرض الغال وفتحوها لإخراج الهمج الغابرين من الظلمات إلى نور الحق، وتحقق لهم بعدها جولات وجولات حيث خرجت إمبراطوريات تأكل بعضها بعضاً، ولكن أن تبقى نزعة العنصرية المقيتة ضد الإسلام والمسلمين فهذا ما لا يجب أن يستمر، وعلى جميع دول العالم أن تصدر من خلال منظمة الأمم المتحدة قراراً بمنع أي إساءة للأديان ووجوب احترام العقائد والكتب السماوية، كي ي?هم العالم أن الحرية ليست مطلقة عندما يكون الدين هو المعيار.
من هنا يظهر الحقد على الدينّ، ولو أنهم قرأوا آية واحدة من المصحف الكريم الذي لم يتغير فيه حرف واحد منذ ألف وأربع مئة وأربع وأربعين عاما، وهي الآية قبل الأخيرة من سورة البقرة لفهموا كيف أن القرآن الكريم كّرم الكتب السماوية، حيث قال الله تعالى:
«آمن الرسُول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبّه ورُسلّه، لا نفرق بين أحد من رُسله، وقالوا سمِعنا وأطعنا غفُرانك ربّنا وإليك المصير»، فهل هناك أوضح من أن يؤكد الله ويطيع المسُلم على احترام الكتب التي أنزلها الله على رُسله، من توراة وزبور وإنجيل وقرآن كريم؛ فالمسلم لا يحرق إنجيلاً ولا يشتم نبياً ولا يقتل مسالماً، ولكن من يدعم حرق المصحف فهو الكافر والملحد والبغيض، ومع هذا فلا نلوم خبثاء الغرب بل نلوم أنفسنا حيث أهنّا أنفسنا أمام الحاقدين.
Royal430@hotmail.com