شُيّع جثمان الشاب الفرنسي من أصل جزائري نائل السبت في جنازة مُنعت الصحافة من تغطيتها، فيما عبّأت السلطات عشرات آلاف عناصر الأمن تحسبا لليلة خامسة من أعمال الشغب على خلفية مقتل الفتى برصاص شرطي.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنه سيتم تعبئة حوالى 45 ألف من عناصر الشرطة والدرك مرة أخرى ليل الأحد للتعامل مع أعمال الشغب.
وأضاف الوزير أنه سيتم تعزيز الشرطة "بشكل كبير" في مرسيليا (جنوب شرق) وليون (وسط شرق)، وهما من المدن الرئيسية التي تضررت مساء الجمعة.
قضى الفتى نائل (17 عاما) برصاصة قاتلة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية تدقيق مروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عامًا تهمة القتل العمد.
وشيّع جثمانه مئات من الأشخاص السبت من مسجد ابن باديس إلى مقبرة مونت فاليريان في ضاحية نانتير الباريسية.
وقالت إحدى المقيمات في نانتير طلبت عدم كشف هويتها "السلام لروحه، آمل أن تتحقق العدالة"، مضيفة "جئت لدعم الأم، إنه ابنها الوحيد، مسكينة".
نقل الجثمان من دار جنازات نانتير إلى المسجد وسط أجواء متوترة للغاية بين مجموعات من الشباب والصحافة التي طلبت عائلة نائل عدم حضورها.
وانتهى التشييع قرابة الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر (15:30 ت غ) في "هدوء شديد، في خشوع وبدون تجاوزات"، بحسب ما أفاد شاهد عيان لوكالة فرانس برس، مضيفا أن عددا كبيرا جدا من الشباب كانوا حاضرين في المقبرة.
حرائق وسرقات
شهدت مدن عدة في فرنسا ليل الجمعة السبت صدامات بين الشرطة وشبان من الأحياء الشعبية رددوا شعارات مناهضة لقوات الأمن، كما جرى تخريب مبان عامة ونهب محال تجارية.
وأعلنت وزارة الداخلية أن النيران أضرمت في حوالي 1350 سيارة فيما تعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب وأحصي 2560 حريقا على الطرقات العامة.
وأحصت الوزارة 31 هجوما على مراكز للشرطة و16 على مراكز للشرطة البلدية و11 على ثكنات للدرك.
وعرفت مرسيليا ثاني مدن البلاد ليلة مضطربة ما دفع وزير الداخلية جيرالد دارماران إلى إرسال تعزيزات إليها. وكانت الشرطة أعلنت توقيف 88 شخصا في المدينة قرابة الساعة الثانية فجرا (منتصف الليل ت غ) في صفوف مجموعات من الشباب غالبا ما يكونون مقنعين و"يتحركون بسرعة".
في مدينتي ليون وغرونوبل في وسط شرق البلاد، جرت مواجهات حتى ساعة متقدمة من الليل بين مجموعات من الشباب الملثمين في غالب الأحيان يتنقلون مهرولين أو على دراجات ويرمون المقذوفات باتجاه عناصر الشرطة الذين كانوا يردون بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وفي فول أن فلان في ضاحية ليون أطلق أحد الأشخاص النار من بندقية باتجاه عناصر من الشرطة على ما أفادت وزارة الداخلية.
وصباح السبت، قام التجار بإحصاء أضرار أعمال الشغب الليلية، ومنها في ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية.
وقالت مالكة متجر للملابس الداخلية النسائية في شارع وسط المدينة غطى ارضه حطام واجهات المحال، إنها ستقوم الإثنين "بعرض كل شيء للبيع، كفى".
وقال مالك فندق صغير "يجب أن نرحل، هذا كل ما بقي لنا أن نفعل".
مزيد من الشرطة
ولم تسلم منطقة باريس من أعمال الشغب، وقررت ثلاث مدن قريبة من العاصمة الفرنسية فرض حظر التجول على غرار مدن أخرى في المناطق الداخلية.
وكان وزير الداخلية أعلن نشر "مزيد من الوحدات المتخصصة" للتدخل السريع من الشرطة والدرك فضلا عن إرسال مدرعات خفيفة من سلاح الدرك.
وقال لاعبو منتخب فرنسا لكرة القدم في بيان نقله قائدهم كيليان مبابي إن "زمن العنف يجب أن يكف ليحل مكانه زمن الحداد والحوار وإعادة البناء".
ويطرح جزء من الأوساط السياسية مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج وخصوصا أن فرنسا تستضيف في الخريف كأس العالم للركبي ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 2024.
ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع التجول وسبق أن فُرضت في تشرين الثاني 2005 بعد أعمال شغب استمرت عشرة أيام في الضواحي عقب مقتل مراهقَين صعقا في محول كهربائي احتميا فيه هربا من مطاردة الشرطة لهما.
أ ف ب