توصل فريق من الباحثين بقيادة علماء من الهند والولايات المتحدة إلى أن إعطاء مركب التورين للفئران والديدان والقرود منحهم قدرة على العيش لفترة أطول وبصحة أفضل، ما قد يفتح الباب لعلاجات مستقبلية مفيدة لأمراض الشيخوخة وربما إطالة العمر.
ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "ساينس" (Science) العلمية، فإن "التورين" (Taurine) بشكل عام لفت انتباه الباحثين منذ سنوات لأنه كان معروفا بتأثيره على المناعة وصحة العظام ووظائف الجهاز العصبي.
ما التورين؟ ولماذا وقع الاختيار عليه؟
ويعد "التورين" حمضا أمينيا غير بروتيني المنشأ يوجد على نطاق واسع في الأنسجة الحيوانية. وهو مكون رئيسي للصفراء ويمكن العثور عليه في الأمعاء الغليظة، ويمثل ما يصل إلى 0.1% من إجمالي وزن الجسم البشري.
ويمكن الحصول على التورين من الحميات الغذائية المعتمدة على اللحوم والأسماك ويوجد كذلك في منتجات الألبان وحليب الأم، ويوضع في العديد من المكملات الغذائية ومشروبات الطاقة.
وقد رصدت دراسات سابقة في هذا النطاق انخفاض تركيز التورين في الدم في الفئران والقرود والبشر، مع تقدم العمر. على سبيل المثال، امتلكت القرود كبيرة السن "تورينا" أقل في خلاياها بنسبة 85% مقارنة بالقرود اليافعة. أما في البشر، فقد كانت مستويات التورين في الأفراد البالغين من العمر 60 عاما حوالي ثلث تلك الموجودة في الأطفال بعمر 5 سنوات.
تأثير مهم
وبحسب بيان صحفي رسمي صادر من مركز "إيرفينج" الطبي من جامعة كولومبيا المشارك في الدراسة، فقد بدأ الباحثون بما يقرب من 250 من الفئران الإناث والذكور بعمر 14 شهرا (بالنسبة للبشر تشبه أن تكون بعمر حوالي 45 عاما).
وبشكل يومي، أطعم الباحث نصف هذه العينة من التورين، وفي نهاية التجربة وجد الفريق البحثي أنه زاد متوسط العمر بنسبة 12% في إناث الفئران و10% عند الذكور.
وبالنسبة للفئران، كان هذا يعني 3 إلى 4 أشهر إضافية في العمر، أي ما يعادل حوالي 7 أو 8 سنوات بالنسبة للبشر.
إلى جانب ذلك، فقد وجدت الدراسة أن الفئران التي أعطيت التورين شهدت العديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك زيادة القدرة على التحمل والقوة العضلية، وتقوية جهاز المناعة وزيادة الكتلة العظمية، وانخفاض في السلوكيات المرتبطة بالاكتئاب والقلق ونسبة مقاومة الإنسولين.
وعلى المستوى الخلوي فقد وجدت الدراسة أن التورين قلل من عدد "خلايا الزومبي" وهي الخلايا القديمة التي يجب أن تموت، ولكن بدلا من ذلك تبقى وتطلق مواد ضارة، ورفعَ عدد الخلايا الجذعية في بعض الأنسجة، والتي يمكن أن تساعد الأنسجة على الشفاء بعد الإصابة، وحسّنَ أداء الميتوكوندريا، وقلّل تلف الحمض النووي، وحسّن قدرة الخلايا على الشعور بالمغذيات.
وحين قدم الباحثون طعاما يحتوي على التورين لبعض أنواع الديدان وقردة الريسوس في منتصف العمر، عاشت الكائنات لفترة أطول وكانت أكثر صحة في المتوسط، وكان لدى القردة تحديدا أوزان أقل في الجسم وعظام أكثر كثافة وعلامات أقل لتلف الكبد بعد تعاطي التورين.
ملاحظات مهمة
لكن رغم كل تلك النتائج الإيجابية، فإن هناك محاذير تتعلق بتلك الدراسة، فهي أولا أجريت على الحيوانات، وبالتالي ليس من الواضح إن كان من الممكن تطبيق تلك النتائج على البشر.
أضف إلى ذلك أن التجربة أعطت جرعات عالية من التورين بالنسبة لوزن جسم الفئران، وهي مستويات تتجاوز بكثير حدود الاستهلاك الآمن الموصى بها، إذا تم إعطاؤها للبشر بنفس النسبة.
لكن في المجمل فإن الدراسة تعطي أملا بالنسبة لأمراض الشيخوخة في المستقبل، حيث يمكن استخدام هذا النهج في تطوير علاجات تقع ضمن نطاق الاستهلاك الآمن للبشر تعتمد على التورين كهيكل رئيسي.