بماذا وعد الله النساء في الجنة

mainThumb

31-01-2023 01:11 PM

printIcon

وصف نعيم الجنة جعل الله -تعالى- الجنة مزينةً مهيّأةً بأبهى حلّةٍ وشكلٍ؛ جزاءً وإحساناً منه لعباده الذين استقاموا في الحياة على ما يرضيه ويحبّه، ولقد قال الله -تعالى- في الحديث القدسيّ في وصف الجنة: (أعددتُ لعبادي الصالحين: ما لا رأَتْ عَينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ)، فكان هذا وصف الجنة عموماً؛ أنّ نعيمها لا يخطر على قلب بشر، ولو استغرق لذلك الساعات، والإيام في التفكير، والبحث، والتأمّل في كيفيّتها وحُسنها، فكان هذا الحديث كافياً ليملأ قلب المسلم بالفرح، والرضا حيال هذا الجزاء العظيم، بل وليكون أيضاً دافعاً لفعل الصالحات التي توصل إلى الجنة، وأمّا في تفاصيل نعيم الجنة في ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّها مليئة بالخير، والرضا من الله -سبحانه- على عباده، فليس فيها مرض، ولا همّ، ولا غمّ، وأرضها من المسك والزعفران، وسقفها من فوق المؤمنين هو عرش الرحمن، وحصاها من اللؤلؤ والجواهر، مبنيّة بلبنةٍ من فضّة، ولبِنةٍ من ذهب، أنهارها جارية مدى الزمن، نهر من عسل، ونهر من لبن، ونهر من خمر، يتلذّذ المؤمنون من حلاوته.

في الجنّة يسير الراكب السريع في ظلّ الشجرة مئة سنةٍ لا يقطعها، حيث زُيّنت سيقانها بالذهب والفضة، وعليها القطوف الدانية، وحولها العيون الجارية، وهناك السُّرر مرفوعة، والأكواب موضوعة، وَالنمارق مصفوفة، والزرابيّ مبثوثة، وأمّا طعام أهلها فهو الفواكه من أجود الأنواع وألذّها، والطيور بكلّ أشكالها، وشرابهم الزنجبيل، والتسنيم، والكافور، ولا يتعب أهل الجنة ممّا يأكلون، ولا يتغوّطون، وإنّ من كرم الله -تعالى- وحبّه لعباده أن أعلمهم شيئاً من نعيم الجنة حتى يتلهّفوا إليها، وترنو أنظارهم لبلوغها، ومن ذلك أن وصف لهم كؤوس الماء التي يشربون منها، والغلمان الذين يخدمونهم وهم متقلّبون في النعيم، حيث قال الله تعالى: (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا*قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا)، وقال أيضاً: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ).

نعيم النساء في الجنة

إنّ الواجب على المؤمن أن يعتقد بكمال عدل الله تعالى، وحكمته، فما من ذرّة حسنةٍ فعلها المسلم إلّا ويكافئه الله عليها، ويسعد بها يوم الجزاء، ولقد كثُرت الآيات الكريمة التي تتحدّث عن الحور العين في القرآن الكريم، حتى تسائلت النساء عن نعيمهنّ هنّ، إذا كانت الحور من نصيب الرجال المؤمنين، وإنّه ما من شكٍّ أنّ من عدل الله وكرمه أنّ جميع أهل الجنّة راضون، وفرحون بأجورهم وجزائهم في الجنان، فلا تعتقد امرأة أنّها ستكون حزينةً، أو أنّها ستشعر بنقصٍ في أجرها، بل إنّ أدنى مراتب أهل الجنة سيرضيهم الله تعالى، فكيف بالنساء الصالحات اللواتي أدّين ما عليهنّ من واجباتٍ، وطاعاتٍ في سبيل رضا الله تعالى، وإذا كان الله -تعالى- قد ذكر شيئاً من نعيم الرجال المؤمنين المتمثّل بالحور العين، فذلك لا يعدّ شيئاً يُذكر إذا أدركت المرأة القول في الحديث القدسيّ: (ما لا رأَتْ عَينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ)،فإنّه لا شكّ أن يكون من ضمن هذا النعيم ما تتنعّم به المرأة، وتفرح به في الجنة، ولم يُذكر ولم تسمع عنه النساء في الحياة الدنيا وقد تفوق به نعيم الرجل أيضاً.

وبالرّغم من هذا القول فإنّ النساء لهنّ نِعم عظيمة في الجنة ذكرها الله سبحانه، فإنّه ما من جزاءٍ ذُكر في القرآن الكريم للمؤمنين إلّا وشملت بذلك الرجال والنساء، فقد قال الله تعالى: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)، وقال أيضاً: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، والأجور والنّعم التي خصّت النساء والرجال كثيرة جدّاً، فقد قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في جمال أهل الجنة رجالها ونسائها:

(إنَّ في الجنَّةِ لَسوقاً، يأتونَها كلَّ جمعةٍ، فتَهُبُّ ريحُ الشَّمالِ فتَحثو في وجوهِهِم وثيابِهِم، فيَزدادونَ حُسناً وجمالاً، فيرجِعونَ إلى أَهْليهم وقدِ ازدادوا حُسناً وجمالاً، فَيقولُ لَهُم أَهْلوهُم: واللَّهِ لقدِ ازددتُمْ بَعدَنا حُسناً وجَمالاً، فيقولونَ: وأنتُمْ، واللَّهِ لقدِ ازدَدتُمْ بَعدَنا حُسناً وجمالاً)، فكان جمال المرأة في الجنة يزداد كلّ جمعة، ومن ذلك النعيم أيضاً أنّ المرأة في الجنة لا تمرّ بالحيض والنفاس، وقد جرت في أعضائها ماء الشباب، بحيث يُرى مخّ ساقها من وراء اللحم، فكأنها الياقوت أو المرجان.

أعظم نعيم الجنة

إنّ أعظم نعم الله -تعالى- على عباده في الجنة هو كشف الحجاب عن وجه الله تعالى، فينظر العباد إلى ربّهم، حيث قال: (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)، فالمزيد المذكور في الآية هو نظر المؤمنين إلى ربّهم سبحانه، لا يضامون في ذلك، فيكون كما وصف الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، عندما قال: (فما أُعطوا شيئاً أحبَّ إليهِم من النظرِ إلى ربّهم عزّ وجلَّ)، فالله -تعالى- قد شرّف عباده رجالاً ونساءً، وكرّمهم؛ لامتثالهم أوامره في حياتهم الدنيا، وطاعتهم له كما أمر، فخصّهم بأن رضي عنهم فلا يسخط أبداً، ثمّ متّعهم بأن ينظروا إلى وجهه عياناً، قال الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، فكان ذلك أعظم النّعم التي يتقلّب بها المؤمنون رجالاً ونساءً في الجنة.