ناقشت ندوة حوارية نظمتها جماعة عمَّان لحوارات المستقبل، ورقة علمية أعدَّها الفريق الصحي في الجماعة بعنوان “تعليم الطب في الأردن: المدخلات والمخرجات”، بمشاركة وزير التربية والتَّعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة ورئيس الجماعة الأستاذ بلال حسن التل.
وبين محافظة خلال تعليق له على الورقة النقاشية، أن كليات الطب في الأردن ما زالت متميزة وتحتل مكانة عُليا من حيث النَّوعية وعلى مستوى عالمي، وحقَّق طلبة هذه الكليات درجات عالية في برامج الإقامة الأميركية والعالمية.
واستعرض واقع كليات الطِّب وأعداد المقبولين فيها، مبينًا أنَّ الأرقام تشير إلى وجود زيادات في الطَّاقة الاستيعابية الخاصة بهذه الجامعات.
وأكد رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات خلال مداخلة له في الندوة أنَّ التَّركيز اليوم يجب أن يكون على نوعية الخريجين حيث إنَّ 130 خريجًا من طلبة كلية الطب في الجامعة الأردنية العام الماضي 2022، استطاعوا اجتياز الامتحانات الأميركية وحصلوا على فرص عمل هناك، من أصل 400 خريج في الكلية وبنسبة 30 بالمئة وهذا مؤشر ممتاز جدًا.
وقال التل بحضور عدد من رؤساء الجامعات الأردنية وعمداء كليات الطب، وعدد من النقابات الصحية إنَّ الجماعة تواصل بهذه الندوة القيام بمسؤوليتها الاجتماعية الوطنية، من خلال التأشير على الإيجابيات لتعظيمها ومعالجة السلبيات، وصولاً إلى قرع نواقيس الخطر إذا لزم الأمر، وأحد سُبلها في ذلك التواصل مع أهل الخبرة والاختصاص لتتدارس معهم الواقع سعيا لإيجاد الحلول التي تساهم في معالجة المشاكل.
وأضاف إنَّ هذه النَّدوة تبحث في مكون آخر من مكونات النظام التعليمي الأردني، ودأبت الجماعة على أن لا تتحدث بالعموميات التي قد تخدع عن الواقع، لكنها تذهب إلى التفاصيل للوصول إلى جوهر المشاكل ووضع حلول ناجعة من خلال فرق العمل المتخصصة المكونة من أعضاء الجماعة أولا ثم مناقشتها مع أهل الاختصاص والمعنيين.
واستعرض عضو الفريق الصحي في الجماعة الدكتور عبدالرحمن الشديفات الورقة وجاء فيها أنَّ التوسع في التعليم الطبي في الأردن في عدد الكليات وأعداد الطلبة المقبولين- الذي شهدته السنوات العشر الأخيرة جعل ذوي الاختصاص والمهتمين يدقون ناقوس الخطر عن جدوى هذا التوسع وفائدته.
وبين أن الورقة حاولت الإجابة عن عدّة أسئلة من بينها، هل هناك مبرر لوجود هذا الكم من كليات الطب وأعداد الطلبة فيها؟، وهل حجم الخلل إن وجد يمكن إصلاحه وتلافيه؟ وما مدى تأثير وعلاقة مخرجات تعلم الطب على سوق العمل؟.
ولفت إلى وجود ست كليات طب حكومية إضافة إلى مستشفيين جامعيين، حيث تعتبر كليات الطب مصدر دخل رئيسي للجامعات في ظل غياب الدعم الحكومي وخصوصا في البرنامج الدولي والموازي اللذين يوفران من (30-40 بالمئة) من موازنات الجامعات.
وأشار إلى أنَّ نسبة قبول الطلبة في آخر ثلاث سنوات شهدت زيادة مضطردة تصل الى 25 بالمئة سنويا غير أنَّ هناك تفاوتًا كبيرا بين أعداد المقبولين ما بين تنسيب مجالس الأمناء وقرار مجلس التعليم العالي وما توصي به هيئة الاعتماد.
وأكد وجود نقص في مدرسي العلوم الطبية الأساسية وخصوصا في الجامعات الناشئة حديثا، إضافة إلى توسع ملحوظ في عقد اتفاقيات مع المستشفيات الحكومية والخاصة لاعتمادها كمستشفيات تعليمية وهناك ملاحظات تتعلق بجودة التدريب السريري في ظل هذا التوسع، رغم أن الطلبة الذين يغادرون الكلية قبل إنهاء متطلبات التخرج يصل الى 13-17 بالمئة سنويا، ونسبة الطلبة الأجانب في جميع الجامعات تقريبا 17-20 بالمئة و 86 بالمئة في الجامعة الأردنية والعلوم والتكنولوجيا.
ودرست الورقة واقع الجامعات الطبية الخاصة حيث تم ترخيص جامعتي طب خاصتين وبدأت الدراسة فيهما في العام الدراسي 2022/2023 بمجموع حوالي خمسين طالبا.
وبينت أنَّ الطلبة الأردنيين الدارسين في الخارج يصل عددهم حسب الأرقام الرسمية الى 19 ألفًا موزعين على دول عديدة ولكن يشكل الطلبة في مصر وأوكرانيا حوالي نصف العدد.
وأشارت الورقة إلى أنَّ عدد الأطباء العاملين في الأردن بين طبيب عام وأخصائي تقريبا 31 ألف طبيب، وهذه الأرقام تشير في الوقت الحالي إلى أنَّ هذا العدد ليس زائدا عن المعايير العالمية.
وتبين من خلال الورقة أنَّ هناك زيادة في فتح كليات الطب في السنوات العشر الماضية بالإضافة الى زيادة مضطردة في أعداد القبول في الجامعات الحكومية والدارسين في الخارج خلال آخر ثلاث سنوات.
واقترحت الورقة تفعيل الدور الرقابي لمجلس التعليم العالي وهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لضبط سياسات القبول في كليات الطب، وتوسيع رقعة البدائل وإيجاد الفرص ما بعد التخرج من قبل المؤسسات المعنية وزيادة التعيينات في جميع القطاعات بما يتناسب مع النسب العالمية المشار إليها مع مراعاة التوزيع الجغرافي للاختصاصات وتوسعة القبول في برامج الإقامة والتخصص الدقيق ذات الطلب العالي على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي ومراعاة النقص الجندري في بعض التخصصات.
ودعت الجماعة إلى فتح برامج تدريبية أو أكاديمية تعطي شهادات دبلوم أو ماجستير أو برامج دكتوراة في الطب السريري تتيح للطبيب العمل تحت إشراف معين وضمن امتيازات معينة كما دعت الى إيجاد ضوابط وتعليمات اكثر صرامة لدراسة الطب في الخارج.
وقدَّم عدد من المختصين وأصحاب الخبرة رأيهم بالورقة النقاشية وواقع التعليم الطبي في الأردن من حيث نوعية الخريجين، وأعداد المقبولين، والمقبولين بالخارج، وحتى المقبولين من الدول العربية حيث إنَّ نسبة الطلبة الذين يتخرجون من كليات الطب تصل إلى 50 بالمئة وبعض الجنسيات إلى 17 بالمئة وهذا مؤشر على أنَّ العمل ما زال مستمرًا على النَّوعية الطبية.