يستقبل المزارعون في محافظة الكرك موسم الحصاد بفرح غامر إعلانا لقدوم بشائر الخير الذي طالما انتظروه بفارغ الصبر بعد طول عناء واستعدادات مبكرة تبدأ قبل موسم الشتاء.
ويتأمل هؤلاء المزارعون المنهكة كواهلهم أن يجنوا ثمار جهد بذلوه خلال الأشهر الماضية في التجهيز لهذا الموسم، بدءا بحراثة الأرض وفلاحتها وزراعتها بالمحاصيل كالقمح والشعير وإزالة الأعشاب الضارة وانتهاء بحصادها.
وللحصاد طقوس يمارسونها منذ لحظة بدء سنابل القمح والشعير بأخذ لونها الذهبي معلنة حلول موعد القطاف، فيستذكر كبار السن الطقوس القديمة التي كانت سائدة في مواسم الحصاد آنذاك باعتبارها عرسا يستلزم التحضير والاستعداد وتفريغ الطاقات واستنهاض الهمم، لما للموسم من أهمية بالغة في حياة الناس ومعيشتهم.
ودرجت العادة في القرى والأرياف الأردنية على تجهيز بيوت الشعر أو الخيم وترحيلها إلى الأرض نظرا لأن موسم الحصاد قد يستمر لفترة طويلة، ويحتاج إلى مؤونة كافية وتفرغ كامل لهذا الموسم الجميل الذي يجمع النقيضين بين التعب والمتعة.
وكان موسم الحصاد يشيد صرح علاقات اجتماعية مترابطة، لأن الناس كانوا يتعاونون فيما بينهم، فتسود المحبة والألفة بين الناس بلا تباغض ولا تحاسد، يتمنى الكثيرون أن تعود بالرغم من شقاوتها، وحتى بعد دخول الآلات الحديثة في الزراعة، فالكل يشارك في الحصاد والرجاد (جمع المحصول) والأهازيج الشعبية المخصصة لهكذا مناسبة في لوحة عنوانها الأخوة والمحبة والجوار.
يقول الخمسيني هشام الجعافرة "كنا نعاني الأمرين عندما يشتد الحر حتى السنابل تصبح أشد قسوة على اليدين".
ويقول الأربعيني سائد الجعافرة إنه يخرج مع إخوته منذ ساعات الفجر الأولى لحصاد الشعير في أرضهم البالغة 30 دونما، ويعودون إلى البيت في ساعات المساء بعد عناء يوم طويل من التعب والمشقة، ثم يخلدون إلى النوم ليستيقظوا في الصباح لمعاودة الكرَّة مرة أخرى.
وتقول الخمسينية سكينة الحسنات "كنا نذهب إلى حقول القمح مع العائلة، وأصبح عملي بالأشغال اليدوية، ولا سيما صناعة صواني القش مصدر رزق لي ولأسرتي.
بدوره، قال مدير زراعة الكرك المهندس مصباح الطراونة إن المديرية تصدر في كل عام حوالي 5000 إلى 7000 طن من الشعير والقمح.