نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلتها في القدس بيثان ماكرنان، قالت فيه إن المبادرة الصينية للسلام في الشرق الأوسط، وزيارة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس إلى بكين، ليست عن السلام، ولكن عن تعزيز موقف الصين عالميا.
وأضافت أن الزيارة الرسمية القريبة لعباس تهدف إلى تقوية الموقف الصيني على المسرح الدولي، وليست محاولة جادة لتسوية النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين حسبما يقول المسؤولون الفلسطينيون. ومن المقرر أن يقوم عباس بزيارة رسمية إلى الصين تستمر أربعة أيام، تبدأ الثلاثاء، ووصفتها الصحافة الصينية أنها جزء من محاولات بكين لتسهيل المحادثات بين الطرفين، بناء على حل الدولتين. وتأتي أيضا في أعقاب نجاح بكين برعاية تقارب بين دولتين متنافستين في المنطقة، هما إيران والسعودية، حيث أعادتا العلاقات بعد سنوات من العداء.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية قولها إن زيارة عباس التي رتّبت على مستويات عالية، هي عن تحسين موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتقديمه كرجل دولة عالمي، ولا يتوقعون أي اختراق دبلوماسي.
وكانت آخر محاولة دبلوماسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي رعتها واشنطن عام 2013، وانتهت بالفشل. ومنذ ذلك الوقت، فإن التوسع الضخم في الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة، جعل من حل الدولتين مستحيلا. وواصلت إسرائيل سياساتها المتطرفة في وقت اتسمت فيه السلطة الوطنية بالفساد والقمع، وفقدت الكثير من شرعيتها إما في الداخل أو الخارج.
ولكن شي تعهد بعد لقائه عباس على هامش قمة بين الصين والدول العربية في السعودية، بأنه سيعمل من أجل “حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية”. وتم التأكيد على الرسالة مرة أخرى في نيسان/ أبريل، عندما ذكر الإعلام الصيني أن وزير الخارجية قين غانغ، أخبر نظيره الإسرائيلي والفلسطيني عبر الهاتف، بأن بكين مستعدة لدعم المفاوضات السلمية.
وقال مسؤول فلسطيني بارز طلب عدم الكشف عن هويته: “هذه الدعوة مؤقتة لتتزامن مع الذكرى الخامسة والثلاثين للعلاقات الفلسطينية- الصينية، وهي مناسبة غريبة لكي يتم الاحتفاء بها؛ لأن الموقف الصيني الداعم لمنظمة التحرير الفلسطينية سابق على هذا. وتريد الصين استعراض قوتها وإظهار أن الولايات المتحدة ضعيفة”.
وتعلق الصحيفة أن العلاقات بين الصين وإسرائيل تتسم بالبرود حاليا، فالأخيرة قلقة من علاقة الصين مع إيران، وأكد المسؤولون الإسرائيليون للصين بصراحة، أن البلد لا يزال مرتبطا في سياسته الخارجية مع السياسة الخارجية الأمريكية.
ولأن الصين لم توجه دعوة لوفد إسرائيلي مماثل أثناء زيارة عباس، فمن غير المتوقع أن يكون هناك إنجاز كبير من الرحلة. ولن ينتج عن الزيارة سوى مزيد من التعهدات لدعم الفلسطينيين في كفاحهم على المسرح الدولي، وزيادة في الدعم الإنساني المتواضع.
وقال توفيا غيرينغ، الباحث في مركز غيلفورد غليزر بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إن “إسرائيل أخرجت الاعتبارات الجيوسياسية من العلاقات الاقتصادية مع عدد من الدول بما فيها الصين. وبصراحة، عندما سألت المسؤولين البارزين عن رأيهم بهذا التطور، فإنهم لا يعرفون اسم وزير الخارجية الصيني أو أي شيء عن المبادرة الأمنية الدولية”.
ورغم المقارنة الظاهرية، فلن يعبّر الفلسطينيون عن موقف من مأزق المسلمين الإيغور. وفي الأسبوع الماضي، زار وفد من الجامعة العربية مقاطعة تشنجيانغ في شمال- غرب الصين، وهو تحرك انتقدته منظمات حقوق الإنسان، ووصفته بأنه محاولة لتبييض صفحة الصين التي ارتكبت انتهاكات ضد الأقلية المسلمة هناك.
وبناء على طلب من الولايات المتحدة، شجبت إسرائيل سياسات الصين ضد الإيغور، وردّت بكين بشجب سياسات تل أبيب في المناطق الفلسطينية المحتلة، والعمليات العسكرية والحصار على قطاع غزة. وقال غيرينغ: “لا توجد ظروف أو أسس لجعل السلام حقيقة في المستقبل القريب” و”تعرف بكين هذا، ولكنه إشارة لتموضع الصين كمنقذ عالمي للإسلام رغم ما يحدث للإيغور”.