في وقت أثار فيه قرار لوزارة التعليم العالي في الكويت مؤخرا، بـ"إيقاف الضم لبعثات الوزارة للتخصصات الطبية (طب بشري، طب أسنان، دكتور صيدلة، الصيدلة) إلى الجامعات الأردنية والمصرية"، تساؤلات بين أطباء أردنيين، رفضه سياسيون وأكاديميون كويتيون.
وفي هذا السياق، فإن القرار مقتصر على الابتعاث الحكومي الكويتي إلى الأردن ومصر، وقد جرى تداوله عبر وسائل إعلام كويتية، أوردت في تفاصيله أنه سيدخل حيز التنفيذ، اعتبارا من العام الدراسي المقبل، وفق كتاب أصدره وزير التعليم العالي الكويتي حمد العدواني، لكنه في الوقت نفسه، لم يمنع المبتعثين على حسابهم الخاص من دراسة التخصصات الطبية في الجامعات الأردنية.
نقيب الأطباء د. زياد الزعبي في تصريح لـ"الغد"، قال إنه يجب التفريق بين الابتعاث والاعتراف، لافتا إلى أن الاعتراف بالجامعات والكليات الطبية الأردنية مستمر، وأن الابتعاث هو أمر آخر، قد يكون له أسباب أخرى، تخص ميزانية الابتعاث في الدول المعنية، ومدى حاجتها من عدمه لتخصصات معينة.
وأكد الزعبي، أنه إذا كان القرار يختص بدول معينة، فيمكن أن يكون هناك عامل إضافي يخص الدراسة في هذه الدول، مشيرا إلى أنه من المعروف بأن دراسة الطب في الأردن، ليست قضية محاضرات فقط، وإنما مختبرات ودراسات وتدريبات عملية.
ولفت إلى أن عدد من يدرسون الطب في الأردن، وصل إلى نحو 19 ألفا، وأن هناك نحو 20 ألفا يدرسون الطب في الخارج، مبينا أن التعليم الجامعي الموازي، هو المصدر الأساس في تحقيق مداخيل للجامعات.
وكان نواب كويتيون أعربوا مؤخرا عن رفضهم لقرار الوزير العدواني، عبر سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، من بينهم النائب محمد هايف المطيري الذي وصف قرار العدواني بـ"المتخبط" و"يضر بالتعليم والمتعلمين".
وأوضح المطيري، أن القرار "يخالف ما اعتمده جهاز الاعتماد الأكاديمي في الكويت لهذه التخصصات (طب بشري، طب أسنان، دكتور صيدلة، الصيدلة) في العام الماضي"، مضيفا أن "معالجة الأخطاء لا توجب الوقوع في خطأ أكبر!".
فيما أكد النائب الكويتي عبدالله فهاد، أن "قرار إيقاف بعثات التخصصات الطبية لبعض الدول، في ظل العجز الذي نعاني منه بتلك التخصصات، قرار عشوائي ومفاجئ ولا يليق بحكومة يفترض أنها إصلاحية".
من جهته، قال عضو مجلس نقابة الأطباء د. طارق التميمي إن هناك روايتين، تحتاج كلا منهما إلى ردود مبنية على معلومات دقيقة، واستنتاجات صحيحة، مؤكدا أنه في الرواية الأولى، هناك ضغوط كبيرة على المسؤولين في سلك الابتعاث العلمي في الكويت، يتجه إلى أن تكون الدول الأوروبية والولايات المتحدة دون غيرهما، هي وجهة ابتعاث لأبنائهم، وليس لأي من الدول العربية مثل الأردن ومصر.
وتساءل التميمي، عن مدى ملاءمة طبيعة الدوام لدى المؤسسات التعليمية الطبية في الأردن وقوانينها وأنظمتها الداخلية بشأن المناهج الدراسية والمساقات العملية، وأسس الامتحانات والنجاح فيها، مع مخرجات التعليم الأساسي للطلبة في تلك الدول.
وأضاف "ليست جامعاتنا ولا كلياتنا الطبية بدرجة من الهشاشة، حتى نستقبل خبرا كهذا بتصدع شديد، واعتراف بسوء المدخلات ووسائل التعليم"، موضحا في منشور له على صفحته في موقع "فيسبوك"، أن "جهود مئات من أعضاء هيئات التدريس النوعية والكمية، تعالج الكثير من نقاط الخلل، بدافع ضمائرهم وخبراتهم وإصرارهم على الا ينزل المستوى عن حده الأدنى والمقبول".
ولفت إلى أن الرواية الثانية، تقول إن المسؤولين سمحوا لأعداد كبيرة بدخول الجامعات (تحديدا الكليات الطبية)، بما لا يتناسب مع جودة التعليم ووسائله المتاحة ضمن سياقات الكم والنوع.
رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا د. خالد السالم، قال إن التصنيفات العالمية بات لها دور مهم بتحسين سمعة ومكانة الجامعات عالميا، وتوجيه سياسة التعليم العالي في البلاد، وعقد الشراكات مع جامعات عالمية، ومراكز بحثية مهمة، واستقطاب طلبة دوليين، وصنع القرار المؤسسي.
وفي تعليق له على قرار الكويت الأخير، قال رئيس الجامعة الأردنية الأسبق د. خليف الطراونة، إن من أسباب اتخاذ القرار، اكتظاظ القاعات الصفية وقبول أعداد كبيرة فوق الطاقات الاستيعابية للجامعات الحكومية، وتدني مستوى تحصيل الطلبة الكويتيين، وارتفاع نسب الرسوب بشكل عام بين طلبة البرنامج الدولي.
ولفت في منشور له على "فيسبوك"، إلى أن هذه الأسباب، ساهمت بتوليد "انطباع لدى الأشقاء الكويتيين، بأن الأمر تجاري محض وليس موضوعاً أكاديمياً"، موضحا بأن ارتفاع سعر الساعة المعتمدة لتخصصات الكليات الصحية على البرنامج الدولي، أسهم في هذا القرار، إذ يصل سعرها في بعض التخصصات إلى نحو 500 دولار أو أكثر.
واقترح حلولا يتوجب العمل عليها لتطوير أداء الكليات، كي يتسنى المحافظة على ما حققته الكليات الصحية في الجامعات الأردنية من سمعة عالية.
ودعا لتشكيل لجنة محايدة، لتقييم جودة البرامج الصحية في الجامعات الأردنية، وعمل امتحان مستوى للطلبة الوافدين، وتحديد مستوى أدائهم قبل القبول في البرامج الصحية.
وشدد الطراونة، على ضرورة إعادة النظر في أعداد الطلبة المقبولين على البرنامجين العادي والموازي، بحيث تكون ضمن الطاقات الاستيعابية، المسموح بها في التخصصات الصحية.
وطالب بتطوير مختبرات وتجهيزات الكليات الصحية، بما يتواءم مع معايير ضمان الجودة العالمية، وإعداد تقرير موثق حول نتائج دراسة التقييم الذاتي، وتزويد الملحقيات الثقافية والسفارات ووزارات التعليم العالي العربية بنسخة منها.
ونوه بأهمية تنويع الدول التي يستقطب منها الطلبة الدوليون "حتى لا نبقى نساوم في العدد على حساب النوعية"، داعيا لتقديم عروض مفصلة لوزراء التعليم العالي العرب، وسفراء هذه الدول، والملحقيات الثقافية، حول جودة مخرجات التعليم الصحي بشكل خاص والتعليم العالي بشكل عام، وإبراز نماذج بشأن جودة المخرجات التعليمية.
كما شدد الطراونة، على دعم الجامعات العامة مادياً، لتتمكن من الاستمرار في المنافسة عربيا وإقليميا وعالميا، واستعادة هيبة القيادات الجامعية، وتعزيز استقلالية الجامعات، وتطوير الحاكمية والأداء المؤسسي.
رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا د. خالد السالم، تحدث عن تجربة جامعته في هذا النطاق، مؤكدا أن الأمر لم يعد يقتصر على موقعها العام، ولكن بدأ التركيز أيضا على التصنيفات العالمية لما تطرحه من تخصصات.
وبين السالم، أن نتائج مثل هذه التصنيفات، تعطي معلومات موضوعية ومؤشرات أداء قابلة للقياس ومقبولة عالميا لتقييم الاختصاصات، بعيدا عن الطروحات العامة والانطباعت التي قد لا تستند على الحقائق العلمية.
وأوضح أن الجامعة حافظت على موقعها المتميز عالميا، استنادا على نتائج التصنيفات العالمية (QS، تايمز، شنغهاي) الأخيرة، ففي تصنيف QS، جاء تخصص الطب في "العلوم والتكنولوجيا" ضمن أفضل 400 جامعة عالميا، وفي التصنيف نفسه، حققت مراتب متميزة عالميا في تخصص الصيدلة (ضمن أفضل 300 جامعة عالميا)، وفق السالم.
ومن حيث تصنيف التايمز، انفردت "العلوم والتكنولوجيا" بالمرتبة الأولى محليا في مجال الطب والصحة، والذي يشتمل على تخصصات الطب، والاسنان والعلوم الصحية الأخرى، مؤكدا أنها باتت ضمن أفضل 300 جامعة عالميا في هذا المجال.
وفي تصنيف شنغهاي أوضح السالم، أن تخصص الطب جاء ضمن أفضل 200 جامعة عالميا، وكذلك تخصص طب الاسنان ضمن أفضل 300 جامعة عالميا، وتخصص الصحة العامة، ضمن أفضل 200 جامعة عالميا، وفي تخصص التمريض ضمن أفضل 300 جامعة عالميا.
وبشأن الاعتمادات الدولية، قال السالم إن برامج الاختصاص العالي والإقامة في الطب على المستوى الوطني، تفردت بالحصول على اعتمادية المجلس الطبي الأميركي (ACGME-I)، ما يعطي خريجي هذه البرامج، وضعا تفضيليا متقدما للمنافسة على مقاعد الزمالة والاختصاصات الفرعية في الولايات المتحدة.
وتعتبر الجامعة وفق السالم، الأولى محليا والـ5 عربيا والـ12 دوليا بين الجامعات التي حصلت على هذا الاعتماد العالمي، كما حصلت برامج طب الاسنان على الاعتمادية الإيرلندية العالمية RCSI، وحصلت برامج كلية الصيدلة على الاعتمادية الأميركية العالمية ACPE، وحصل برنامج التمريض على الاعتمادية العالمية ACEN.
واستنادا على المستوى الدراسي المتميز والتدريب المتقدم الذي يتلقاه طلبة كلية الطب في "العلوم والتكنولوجيا"، فقد تجاوزت نسبة النجاح في امتحان المزاولة الأميركي الدولي 95 %، متخطية بذلك نسب نجاح الطلبة الدوليين الأخرى، والتي قاربت في أفضل حالاتها الـ82 %.
كما حافظت الجامعة على نسب عالمية لعدد الطلبة، مقابل كل عضو هيئة تدريس لضمان جودة ومخرجات التدريس والتدريب في برامجها.
الغد