أردوغان يستعد لتشكيل حكومة جديدة

mainThumb

29-05-2023 05:11 PM

printIcon

تتجه الأنظار في تركيا هذا الأسبوع إلى أنقرة، حيث من المقرر أن يشرع الرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان في العمل على تشكيل الحكومة الجديدة التي ستُدير البلاد بعد أن فاز بولاية رئاسية ثالثة في جولة إعادة شهدت منافسة مُحتدمة مع مرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في مقابلة مع قناة محلية الإثنين إن “مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس والتطورات الوزارية قد تحدث يوم الجمعة المقبل”. ولأن عددا كبيرا من الوزراء السابقين تم ترشيحهم من قبل حزب “العدالة والتنمية” الحاكم للانتخابات البرلمانية، فإن الحكومة الجديدة ستشهد تغييراً واسعاً في الوزارات الأساسية مثل الداخلية والخارجية والدفاع. لكنّ كالين أوضح أن أردوغان “سيؤسس حكومة ديناميكية شابة تستحق القرن التركي”.

أنهت جولة الإعادة الرئاسية، التي جرت الأحد وفاز بها أردوغان بنسبة تزيد عن 52% من الأصوات، أشهراً من المنافسة والاستقطاب السياسي الحاد بين الحكومة والمعارضة. لكنّ ارتدادات نتائج الانتخابات على المشهد السياسي الداخلي قد تستمر لفترة إضافية. ستكون الولاية الرئاسية الثالثة هي الأخيرة لأردوغان لأنّ الدستور لا يسمح له الترشح لولاية أخرى، ما يعني أن أحد التحديات الكبيرة التي ستواجه الرئيس المنتخب في السنوات الخمس المقبلة تتمثل في إعادة ترتيب البيت الداخلي لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم وإعداد شخصية قيادية يُمكن أن تتولى زعامة الحزب ورئاسة البلاد بعد أردوغان.

مع ذلك، فإن أردوغان لا يزال يتطلع أيضاً إلى تحقيق انتصار انتخابي آخر. في العام المقبل، ستُجري البلاد انتخابات محلية جديدة ويُراهن أردوغان على أن الفوز الذي حققه في الانتخابات قد يُساعده في استعادة السيطرة على البلديات الكبرى التي خسرها الحزب الحاكم في انتخابات عام 2019 مثل إسطنبول وأنقرة.

كتب أحمد هاكان في صحيفة “حرييت” أن الفوز الجديد الذي حققه أردوغان هو “أهم انتصاراته على الإطلاق” في مسيرته السياسية. كان أردوغان يواجه بالفعل في هذه الانتخابات ثلاثة منافسين دفعة واحدة: المعارضة الموحدة، والتضخم المرتفع الذي يبلغ في الوقت الراهن نحو 45%، وتداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير. سيكون الاقتصاد على قائمة التحديات التي تواجه الرئيس التركي في ولايته الجديدة.

يتخوف خبراء اقتصاديون بالفعل من أن البلاد قد تُعاني بشكل إضافي من المتاعب الاقتصادية إذا لم يُعد أردوغان تشكيل السياسة الاقتصادية على قواعد جديدة. لكنّ أردوغان أعطى في خطاب النصر، الذي ألقاه فجر الإثنين في العاصمة أنقرة، مؤشرات بالفعل على رغبته في تعيين إدارة اقتصادية جديدة تحظى بثقة الأسواق العالمية. في الآونة الأخيرة، تصاعدت التكهنات بشأن الدور المستقبلي المحتمل لوزير المالية السابق محمد شيمشك، الذي يحظى بسمعة دولية طيبة. قال المتحدث باسم الرئاسة الإثنين إن شيمشك سيستمر في المساهمة في السياسة الاقتصادية الحكومية الجديدة، لكنّه لم يوضح ما إذا كان سيتولى منصباً في الإدارة الجديدة.

بدت خيبة الأمل كبيرة لدى المعارضة التي لم تنجح، رغم أنها شكلت ائتلافاً عريضاً غير مسبوق في تاريخ السياسة التركية الحديث، في إخراج أردوغان من السلطة. لم يُبد زعيم حزب “الشعب الجمهوري” المعارض كمال قليجدار أوغلو أي مؤشرات ملموسة على احتمال تنحيه عن زعامة الحزب بعد الهزيمة الانتخابية، لكنّه يجد نفسه تحت ضغط شديد لإفساح المجال أمام قيادة جديدة لتولي الحزب.

وكتب أحمد هاكان في مقالته بصحيفة “حرييت” الإثنين: “هناك طريقتان للمعارضة للخروج من هذا المأزق.. أولاً تغيير إدارة الحزب ثم تغيير هذه العقلية”. مع ذلك، سعى بعض قادة المعارضة إلى محاولة احتواء تداعيات الهزيمة من خلال إظهار روح معنوية مرتفعة. قال أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الإثنين متوجهاً إلى أنصاره: “لا ينبغي لأحد أن يقلق.. كل شيء يبدأ من جديد.. تذكر أن الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو التغيير”.

حتى مع نجاح أردوغان في تحقيق نصر انتخابي كبير، فإن نتائج الانتخابات أظهرت حجم الانقسام العميق في المجتمع التركي. كتب مراد يتكين، وهو صحافي معروف ومعارض: “بينما أراد 27 مليون ناخب استمرار أردوغان، أراد 25 مليون ناخب أن يُغادر، لكنّ جزءاً كبيراً ممن قالوا “البقاء” صوتوا لصالحه ليس اعتقاداً منهم بأن كل شيء يسير على ما يرام ولكن بشكل خاص لاعتقادهم بأن أردوغان سيُصلح المسار السيئ في الاقتصاد”.

ستبقى نتائج الانتخابات علامة فارقة في التاريخ السياسي التركي الحديث للجمهورية لأنّها أظهرت على وجه الخصوص أن أردوغان لا يزال يتمتع بقاعدة دعم تُساعده في البقاء في السلطة رغم أنّه مضى على وجوده فيها أكثر من عقدين، وهي فترة لم يشغلها أي زعيم في تاريخ الجمهورية منذ تأسيسها قبل مئة عام على يد مصطفى كمال أتاتورك. مع ذلك، يُضيف مراد يتكين: “من بين المعضلات التي تواجه أردوغان للخروج من الأزمة الاقتصادية ألا يكون قادراً على تنفيذ سياسات التقشف التي يتعين تنفيذها بسرعة بسبب الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها بعد عشرة أشهر”.

(القدس العربي)