تعريف الإسرائيليين اليهود بالنكبة الفلسطينية "مهمة صعبة"

mainThumb

19-05-2023 03:19 PM

printIcon

ترفض الغالبية الساحقة من الإسرائيليين حتى فكرة أن يكون الشعب الفلسطيني قد تعرض لنكبة عام 1948، وهو ما يجعل من إقناعهم بمجرياتها "مهمة صعبة".

ومنذ عام 2002، أخذت جمعية ذاكرات على عاتقها الكشف عن المعلومات التاريخية المتعلقة بالنكبة الفلسطينية، وتسهيل الوصول إليها، باللغة العبرية.

ومنذ ذلك الحين، تقول ذاكرات إنها حققت نجاحا باهرا في إدخال موضوع النكبة التاريخية في وعي اليهود القاطنين في إسرائيل.

ويقول عمر الغباري، مدير قسم الجولات وتخطيط العودة في الجمعية، في حديث للأناضول: "اسمها الشهير بالعربي هو "زوخروت" والتي تعني بالعربية ذاكرات بمعنى الذاكرة وقد أقيمت من قبل نشطاء يهود إسرائيليين غير صهاينة بهدف تعليم المجتمع الإسرائيلي اليهودي عن النكبة الفلسطينية".

وأضاف: "المؤسسين أقاموا الجمعية إدراكا منهم بأن أغلب الإسرائيليين الذين يدرسون في المؤسسات التعليمية الإسرائيلية ويتشربوا من الإعلام الإسرائيلي الرسمي، لا يتعلمون ولا يعرفون عن تاريخ هذه البلاد خلال المئة سنة الأخيرة بهدف إخفاء الشعب الفلسطيني وتاريخه".

ولفت في هذا الصدد إلى أن "الرواية الإسرائيلية تقوم على أساس "إن هذه الأرض كانت فارغة وإن كان فيها ناس فهم غير ذي اعتبار".

غير أنه أشار إلى أن هدف الجمعية هو كشف الحقائق والمطالبة باعتراف إسرائيل عن مسؤوليتها عن النكبة الفلسطينية وإرساء العدالة وتصحيح المظالم خاصة تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين اعتبر في تصريح مكتوب، الإثنين، النكبة بأنها "كذبة".

وتحارب الحكومات الإسرائيلية لمنع حتى الإشارة الى مصطلح "النكبة" سواء أكان في مناهج التعليم أو الفعاليات الثقافية على المستوى الدولي، في وقت ترفض فيه تحمل أي مسؤولية عن ما حل بالشعب الفلسطيني ابان وخلال العام 1948 وما تلاه.

وثمة طرق متنوعة تحاول "ذاكرات" من خلالها توعية الإسرائيليين اليهود بما جرى خلال النكبة ولكن البارز منها هي تنظيم جولات مجانية للإسرائيليين اليهود إلى القرى والبلدات الفلسطينية المهجرة عام 1948.

ولا يكاد يمر شهر على مدار السنة دون أن توجه "ذاكرات" دعوات باللغات العبرية والعربية والانجليزية لجولات في إحدى القرى الفلسطينية المهجرة.

وقال الغباري: "أول خطوة قمنا بها هي تنظيم زيارات وجولات للقرى الفلسطينية المدمرة والمهجرة داخل حدود دولة إسرائيل، ومن شأن هذا كشف الكثير من الحقائق للإسرائيليين الذين يسكن بعضهم بالقرب من هذه المناطق ولم يكشف لهم أبدا أي شخص أو مؤسسة تاريخ هذا البيت او المبنى أو المقبرة التي ربما ما زالت موجودة في المنطقة".

وأضاف: "هذه الجولات تعطي إمكانية حتى لتخيل الحياة الفلسطينية التي كانت موجودة حتى العام 1948 في تلك المنطقة، وقوتها هي أنها تستند إلى ارشاد وشهادات من عائلات فلسطينية أصلية سكنت في تلك المناطق".

وتابع: "تعتمد هذه الطريقة على جمع شهادات من لاجئين او مهجرين من أصحاب البلد الأصليين وترجمة الشهادات الى اللغة العبرية حتى تكون متاحة للإسرائيليين لقراءتها وفهم القصة".

ولا تسمح إسرائيل للفلسطينيين وأبنائهم وأحفادهم بالعودة الى قراهم التي تم تهجيرهم منها في العام 1948، فيما تم تغيير أسماء الكثير للقرى أو البناء على أنقاضها.

كما تنظم "ذاكرات" دورات تعليمية عن النكبة باللغة العبرية للإسرائيليين تركز على ما تخفيه إسرائيل عن تلك الحقبة.

وقال الغباري: "خلال الدورات نعطيهم محاضرات ونكشف وثائق وأرقام ووقائع حدثت في العام 1948 وقد نأخذ الطلاب بجولة إلى أحد المواقع الفلسطينية المهجرة".

وأضاف: "نظمنا 3 مؤتمرات تتعلق بمعنى العودة الفعلية للاجئين الفلسطينيين بمشاركة مختصين وخبراء وسياسيين وباحثين في موضوع تطبيق العودة ومقارنة العودة المتوقعة مع حالات عودة حصلت في أماكن أخرى في العالم مثلا في يوغسلافيا السابقة وجنوب افريقيا وزيمبابوي والصومال".

وتابع: "نحاول التعلم من تجارب الأخرين لمحاولة عمل مقارنة مع الإمكانيات الشبيهة للحالة الفلسطينية".

وكانت "ذاكرات" أطلقت موقع إلكتروني باللغات العبرية والعربية والانجليزية يتضمن معلومات عن معظم القرى والبلدات الفلسطينية المهجرة ومصيرها الحالي.

وقال الغباري: "هذا الموقع، الذي يتضمن معطيات وصور، يفيد أيضا اللاجئين الفلسطينيين حول العالم لمعرفة ماذا حل بقراهم ومنازلهم بعد 75 من النكبة ".

وتنشر "ذاكرات" نشرات تعريفية وكتب تعليمية باللغة العبرية عن النكبة.

ولعل واحدة من إنجازات ل"ذاكرات" هي خارطة النكبة باللغة العبرية تم فيها تسجيل أسماء القرى الفلسطينية المهجرة.

وقال الغباري: "تتضمن الخارطة باللغة العبرية أسماء 600 مدينة وقرية فلسطينية تم تهجيرها وهي الخارطة الوحيدة بالعبرية التي يمكن لإسرائيلي أن يطلع عليها ويفهم أي بلد فلسطيني كان موجود قرب المستوطنة أو الكيبوتس أو المدينة الإسرائيلية التي يسكنها اليوم".

وأضاف: "هناك العديد من الخرائط بالعربية والانجليزية ولكن بما أن هدفنا هو مواجهة الرواية الإسرائيلية فإن الخريطة هي بالعبرية".

ولاحقا طورت "ذاكرات" الخريطة إلى تطبيق يمكن تنزيله بالهواتف الذكية أطلقت عليه "Ireturn" ويشمل خريطة النكبة وأسماء ومواقع كل البلدات والقرى الفلسطينية المهجرة.

وقال الغباري: "تم نقل المعلومات الموجودة على الموقع إلى هذا التطبيق الذي له ميزة إضافية واستثنائية غير موجودة في أي مكان أخر وهي أنه يمكن استخدامه ك GPS" لتحديد المواقع.

وأضاف: "هذا التطبيق تفاعلي، فيمكن لأي شخص يستخدمه أن يصل الى قرية معينة وتغذية التطبيق بصور أو معلومات حديثة، فيمكنه أن يرسلها لنا ونحن ندخلها الى الموقع".

ويدرك القائمون على مؤسسة "ذاكرات" الصعوبة الكبيرة للمهمة التي يحاولون القيام بها في ظل المعارضة الحكومية وحتى الشعبية الإسرائيلية لمجرد الحديث عن النكبة.

وقال الغباري: "نحن واعون بأي سياق نعمل، نحن متواجدون في سياق إسرائيلي مليء بالعنف والقمع، حتى بقمع المعلومات والتاريخ، وعلى مر التاريخ تم تكشف يمينية المجتمع الإسرائيلي وحكوماته".

وأضاف: "لذلك نحن على دراية بأن غالبية الإسرائيليين لن يتقبلوا هذا النوع من العمل، ولكن نحن نحاول ارغامهم على مواجهة هذه المعلومات".

ومع ذلك فقد لفت إلى انه "قبل 20 عاما، فإن الإسرائيليين بشكل عام وفي الصحافة نادرا ما كانوا يذكرون اسم النكبة وإن ذكروا الكلام في الإعلام فقد كانوا يضطرون لشرحها من خلال القول بأنه المصطلح الذي يستخدمه الفلسطينيون لتوصيف قيام دولة إسرائيل".

واستدرك: "أما اليوم، فإنه تقريبا هناك كل يوم مقال باللغة العبرية في وسائل الإعلام والمواقع الإسرائيلية يذكر النكبة سواء بشكل إيجابي او سلبي".

وقال الغباري: "لذلك نحن نقول، بكل تواضع، إن هناك تأثير لعملنا وعمل اخرين في مواجهة الجمهور الإسرائيلي بحقيقة النكبة مما اضطرهم للتعامل معها وذكرها يوميا ولا يشعر الصحفي الإسرائيلي عندما يذكر كلمة نكبة بأنه بحاجة لتفسيرها".

وأضاف: "هذا المسار من عشرين عاما من اغفال وتجاهل النكبة بشكل مطلق إلى الاضطرار لمواجهتها وهو نوع من الإنجاز".

وتابع: "هناك تصاعد كبير بالتفاعل معنا، فإذا ما كنا في السنة الأولى استقبلنا بضع مئات من الإسرائيليين فاليوم نحن نقابل بضع آلاف من الإسرائيليين كل سنة سواء في جولات او فعاليات عامة".

وذاكرات هي مؤسسة غير حكومية تعتمد في تمويلها على التبرعات وتنفيذ المشاريع.

وعدد أفراد طاقمها يتراوح ما بين 5-9 أشخاص اعتمادا على المشاريع التي يتم تنفيذها

 

الأناضول