فاطمة الزهراء - كانت تتجلى في الاحتفالات الأثواب والأزياء التقليدية التي تخيطها غالبًا النساء بأيديهن وتكلفهنّ شهورًا من الطرز والحبك وصناعة ما يتميزن به في أفراحن ومناسباتهن، فتتباهى المرأة عند سؤالها عن ثوبها بجهدها المبذول ليخرج بهذا التفصيل البهي الأنيق، ناهيك بطلب النساء منها ذلك الثوب لحضور أفراح أخرى به، فهي قطع تراثية تنم عن ارتباط بالتقليد والعادة، وخياطة وحسن سبك وصناعة لن تجد لها شبيهًا عند الأخريات.
تقليد يحافظ على تراث المجتمع
هذه كانت التقاليد التي تتباهى بها النساء في لباسهن وتسهر لأجلها ليال طوال، يميزها الاحتشام والستر والطابع الفضفاض، فكان سمتها الغالبة إضافة إلى حملها تقليد المنطقة وتمثيله في تلك المناسبة، فكانت الصبايا والنساء جميعهن تحت مظلة اللباس التقليدي في مختلف مناسباتهن، إلا أن هذه الحالة لم تعد الغالبة على المناسبات منذ عدة سنوات مع الانفتاح الكبير على العالم، فبات الثوب يلازم "الحاجة" كبيرة السن التي بقيت على ثقافة الثوب التقليدي مهما اختلفت المناسبة.
خيارات جديدة أبعدت التقليدي عن الواجهة
نجد اليوم الصبايا وحتى النساء لم يعدن يرتدين في مناسباتهن لزامًا الأزياء التقليدية، وباتت الفساتين وغيرها من الأزياء الغربية تطغى على النسوة في الأعراس وغيرها من المناسبات، ناهيك بالعري الذي بات عادة لا ضير فيها طالما يواكب الموضة في غياب تام لعادات المجتمع وأسس الدين.
يستهتر الكثيرون في عصرنا هذا بدور التكنولوجيا والإعلام والدراما وغيرها من بث صورة الغرب المنفتح المتحضر المثقف، الذي يظهر بهذه الأزياء غير المتسقة مع مجتمعاتنا المحافظة، الأمر الذي يجعل عين المتلقي العربي تألفه وتعتاده وتجربه في مناسباتها متناسيةً القيم والتقاليد والعادة التي تحكم المجتمعات.
وفي ذلك إن استثنينا الضرر الثقافي والأخلاقي والمجتمعي على النساء، فنستذكر الهواتف التي يحملها الجميع في الاحتفالات والمناسبات على اختلافها ويبدأ التصوير دون استئذان، وتتناقل هذه الصور وقد تصدرها وترسلها للآخرين، وقد أحدث ذلك العديد من المشاكل وحتى الجرائم في المجتمعات.
تقول سلمى سعيد إن الفتيات في عائلتها لا يلبسن اللباس التقليدي في الاحتفالات، ويحضرن بفساتين في أغلب مناسباتهن، "نشعر أن هذا اللباس للنساء الكبار ولا يتماشى مع الموضة، فالطابع الغالب عليه للنساء وكبار السن" لذلك لا إقبال عليه غي عائلتنا، مبينةً أنها لم تعتد رؤية فتيات عائلتها وأخواتها يرتدينه إلا بعد خطوبتهن.
وقالت ذكرى عبد الرحيم أنها تحاول دومًا أن تكون من الحضور بزي تقليدي، فالمجتمعات اليوم تطورت وانغمست في ثقافة المجتمعات الغربية والمسلسلات التركية وباتت "التخفف" بارتداء الملابس العصرية بعيدًا عن ثقل وقيود التقليد والعادة، "وهذا شيء مؤسف فحتى الأزياء المعاصرة قد لا تراعي الآداب والحرمات، وبعيدة عن ثقافتنا المجتمعية إلا أنها أصبحت الحال السائد في مناسباتنا".
من جانبها تذكر بيان سالم إنها من عائلة ترتبط بالتراث كثيرًا، وتسعى لتعليم الفتيات لبس التراثي منذ صغرهن لتلازمهن ثقافة اللباس التقليدي وكي لا يندثر من مناسباتهم، مضيفةً أنهم قاموا بعمل حفل "حناء" أختها الكبرى على الطريقة التقليدية وبارتداء أغلب الحصور لباسًا تقليديًا في سعي للتمسك بالتقليد.
مثّلت هذه الثورة الثقافية على جميع الأصعدة في العالم تغييرًا جذريًا قلّ الذين لم ينجرفوا معه، فباتت الفتاة المحافِظة حتى في أفراحها التي لا ترضى بالظهور في الاحتفالات بذاك اللباس، هي الاستثناء لا الأصل، وهي الاختلاف وسط حالة الانسلاخ هذه والتخلي عن العادة والتقليد.