هل المستثمرون العاديون مستعدون للكوارث؟ مع اقتراب عقارب الساعة من التخلف عن سداد ديون الحكومة الأمريكية الذي وصفته جانيت يلين وزيرة الخزانة بأنه تحرك "لا يمكن تصوره" وله "عواقب وخيمة"، قد نكون على وشك اكتشاف ذلك.
بالنسبة إلى مديري صناديق التحوط المتخصصين الذين يكسبون المال فقط في حالة وقوع كوارث مثل الأزمات المالية والجوائح، فإن الاستعداد للأسوأ أمر سهل للغاية: فقط استمر في انتقاء الخيارات والأدوات الأخرى الرخيصة التي توفر تحوطا ضد الانخفاض المفاجئ في الأسعار. وبعدها، عندما يحدث السيناريو المرعب، احسب المليارات التي تملكها والبس أفضل بذلة لتظهر بها على شبكة "بلومبيرج" وقل "إنك لا تسعد بألم الآخرين".
إن أكثر مديري الصناديق العاديين ممن لا يستطيعون جني الأموال مرة واحدة فقط كل عقد يواجهون مهمة أكثر تعقيدا.
فهم في ظاهر الأمر مستعدون للفرصة الضئيلة بأن السوق التي تدعم كل قيمة أصول على وجه الأرض على وشك أن تأتي بنتائج عكسية. ارتفعت أسعار مقايضات التخلف عن السداد في الولايات المتحدة -المشتقات التي توفر نوعا من التأمين ضد عدم سداد الديون- بشكل ملحوظ وإن كان ذلك مع انتقال أحجام صغيرة فقط من يد إلى أخرى مقارنة بالحجم الهائل للسوق. وهذا يعني أن بعض المستثمرين، وعلى الأرجح صناديق التحوط خصوصا التي تزدهر في الكوارث، قد وضعوا رهانات منخفضة التكلفة وعالية المكاسب على انهيار السوق. لكن حتى هذه السوق لا تبدو مذعورة بهذا القدر.
في الوقت نفسه، عند إلقاء نظرة سريعة على سوق الأسهم الأمريكية فإن ذلك لا يشير إلى وجود خطب ما. لم يحرز مؤشر الأسهم الأمريكية القياسي ستاندرد آند بورز 500 تقدما يذكر منذ نهاية آذار (مارس). يمكنك المجادلة بأنه ينبغي أن يكون أعلى، بالنظر إلى التباطؤ المستمر في التضخم، لذلك ربما تعوقه حافة منحدر سقف الديون. ربما.
على كل، لا يبدو أن هذه السوق قد تكون على بعد ثلاثة أسابيع فقط أو نحو ذلك من التخلف عن سداد ديون الحكومة. مع ذلك فهو احتمال جدي، وما لم يرفع الكونجرس أو يعد تعريف حد الدين الأمريكي بشكل فوري، فستجد الحكومة الفيدرالية نفسها غير قادرة على سداد مجموعة من المدفوعات بما في ذلك لحاملي ديونها، على الأرجح في وقت مبكر في حزيران (يونيو).
من الصعب المبالغة في تقدير حجم المشكلة بالنسبة إلى الأسواق. إذا فشلت سندات الخزانة، فإن الأسهم والسندات وكل شيء بينهما سيهتز على نحو عنيف يصعب التنبؤ به. الاندفاع اليائس نحو النقد في مارس 2020 وأزمة السندات الحكومية البريطانية في 2022 هما مجرد تذكير بالكيفية التي يمكن أن تتحول فيها صدمات السوق المفاجئة إلى صدمات شنيعة وبسرعة.
إن الهدوء النسبي حاليا ينبع من بضعة مصادر. أحدها هو أن المحللين والمستثمرين يعتقدون بشكل كبير أن التعقل سيسود. سيعقد الكونجرس صفقة أو يجد نوعا من التلاعب أو وسيلة للتحايل لتجنب وضع مرعب، تماما كما فعل في المرة الأخيرة التي احتدمت فيها هذه المشكلة بالفعل في 2011 وكما فعل 78 مرة منذ 1960. يشعر مديرو الصناديق بأنهم شاهدوا هذا السيناريو من قبل وأن نهايته تكون دائما جيدة.
هذه المرة من الخطورة الافتراض أن السياسيين سيجدون حلا وسطا. تشير تينا فوردهام المحللة السياسية إلى أن الميل نحو حل المشكلات بهدوء وعقلانية ليس ذا قيمة لدى أعضاء الكونجرس في أيامنا هذه. كما تعتقد أن هناك احتمالية للتخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة بنسبة 20 في المائة تقريبا. قالت على قناة "سي إن بي سي" الأسبوع الماضي "إن احتمالية 20 في المائة تحدث طوال الوقت".
السبب الآخر الذي يجعل هذا الأمر فعلا لا يؤثر سلبا في الأسهم حتى الآن هو أنه "من الصعب احتساب قليل من التخلف عن السداد"، كما يقول محللا الأسعار ريتشارد ماكجواير ولين جراهام تايلور من شركة رابوبانك. "ومن ثم، فإن سندات الخزينة قصيرة الأجل ومقايضات التخلف عن السداد هي انعكاس لارتفاع الطلب على التحوط، في حين تبدو الأسهم منعزلة إلى حد ما مع انتهاء لعبة سياسة حافة الهاوية".
يقف محللا شركة رابوبانك مع الأغلبية بشأن هذا، "قضيتنا الأساسية هي أنه سيتم تجنب تخلف عن السداد". ومع ذلك، فإنهما يشيران إلى الخطر الكبير الآخر، وهو أنه بالنسبة إلى السياسيين المعنيين، فإن الفوضى نفسها تعد جزءا مهما من العملية.
قالا "من مصلحة الطرفين أن يبدوا مستعدين لتقبل التخلف عن السداد لأطول فترة ممكنة، لأن هذا يزيد من احتمالية انتزاع تنازلات إلى أقصى حد في حال تراجع الطرف الآخر أولا. إن هذا يثير خطرا واضحا أن تفاؤل السوق الواسع على هذه الجبهة سيكون تحت الاختبار في الأسابيع المقبلة".
هذه وجهة نظر يشترك فيها سوشيل وادواني، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بي جي آي إم وادواني. قال في مذكرة نشرها الأسبوع الماضي "في بيئة تتسم بالانقسام المتزايد، سيحتاج السياسيون إلى رؤية اضطراب كبير في السوق من أجل التوصل إلى اتفاق".
إن المستثمرين مهيئون للاعتقاد أنه في حالة حدوث نوع من التراجع في الأسواق، فإن الأسهم سترتفع بسرعة. أشار وادواني إلى أن ذلك لا فائدة منه. وقال "توجد مخاوف من أن السوق متهاونة وأن المستثمرين قد يتعرضون لصدمة مفاجئة. لن يرغب المستثمرون في رؤية تشديد مالي غير متوقع في وقت تتزايد فيه مخاطر الركود الأمريكي بالفعل وتزداد احتمالية حدوث هبوط صعب".
إذا كنت تفترض أن كل هذا سيصبح على ما يرام، فمن المحتمل أن تكون في المجموعة نفسها مع دونالد ترمب، الذي يعتقد "قد يكون أمرا سيئا حقا، وربما يكون شيئا لا يذكر، أو ربما أسبوعا سيئا أو يوما سيئا، من يدري؟" قد يساعد ذلك على تركيز العقل.