يواجه أطفال كُثُر مشكلات عدة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين، بسبب انخراطهم في العالم الافتراضي من خلال التعرض للشاشات والهاتف المحمول طوال الوقت. وغالبا ما يسعى الآباء والأمهات إلى معرفة كيفية اختبار الذكاء الاجتماعي لأطفالهم وتنمية المهارات المتعلقة به مبكرا، لأهمية ذلك وانعكاسه إيجابيا على مختلف مراحل حياتهم لاحقا.
وترى المتخصصة في علم النفس السلوكي جنى بركة أن الذكاء الاجتماعي يلعب دورا أساسيا في صقل شخصية الطفل ودفعه نحو نسج علاقات متينة ووثيقة مع المحيطين به، بعيدا عن الوقوع في المشكلات النفسية أو الفشل الدراسي.
كما يساهم الذكاء الاجتماعي -بحسب المتحدثة نفسها- في تكوين شخصية سوية اجتماعيا وعاطفيا ونفسيا، يصبح صاحبها قادرا على التفاعل مع الآخرين ويتأثر بهم ويؤثر فيهم.
وتشير إلى وجود فارق بين الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي، موضحة أن الأول هو قدرة الطفل على التعامل مع الآخرين وتكوين صداقات بسهولة وقدرته على اختيار الكلمات لتكوين علاقات قوية مع الآخرين، أما الثاني فهو القدرة على التحكم بانفعالاته وردود فعله في التعامل مع الآخرين.
طرق تساعد في تنمية الذكاء الاجتماعي
وتذكر بركة، في حديثها للجزيرة نت، بعض الطرق الفعالة التي تساعد في تنمية ذكاء الطفل الاجتماعي، ومنها:
المشاركة في النشاطات الاجتماعية التي تُنظم في المدرسة أو خارجها، وتشجيعه على أن يكون عنصرا فعالا ومؤثرا فيها.
تنمية الذكاء الاجتماعي من خلال تشجيع الطفل على القيام ببعض الأمور المنزلية وتسلم دور القيادة فيها، وتحميله مسؤولية الترتيب وإعداد الوجبات البسيطة، مما يعني تدريبه على القيادة والتخطيط وتحفيز الآخرين.
صقل شخصية الطفل من خلال تنمية المهارات الاجتماعية، كمهارة التحدث بلباقة مع الآخرين ومهارة التواصل الفعال مع زملائه ومع المعلمين ومهارة الاندماج في المجتمع، بحيث يبدأ بالاطلاع على وجهات النظر والأفكار المختلفة، ولا يخشى مواجهة الآخرين.
تنمية الذكاء الاجتماعي من خلال إعطائه الحرية الكاملة في التعبير عن مشاعره بعيدا عن الشعور بالخوف أو القلق، مع إبداء التعاطف مع الآخرين.
حث الطفل على المشاركة في الأعمال التطوعية، مثل تنظيف الشواطئ والحدائق والمدارس، إذ إن تطوع الصغار في مثل هذه النشاطات مهم جدا لصقل شخصياتهم.
تدريب الطفل على تكوين صداقات، ليبدو محبوبا وله شعبية لدى أقرانه. والتحدث معه دائما عن قيمة الصداقة ومنحه الفرصة المناسبة للعب وتمضية الوقت مع الأطفال الآخرين، كما يجب أن يتعلم كيفية التغلب على المشكلات التي قد تواجهها تلك العلاقة.
تنمية الذكاء الاجتماعي لدى الطفل تؤدي إلى تنمية مواهبه، إذ تجعله يكتشفها يوما بعد يوم.
تعليمه مهارات التفاوض وفض النزاعات والتعامل مع الآخرين.
تعليمه لغة الاعتذار لأنها مهارة مفيدة للغاية وغير ممارسة على نطاق واسع في ثقافتنا. إذ يحتاج الأطفال أن يعوا أن العلاقات الإنسانية تشتمل على صراعات، وينبغي التعامل معها بالشكل المناسب. كما ينبغي عدم إجباره على تقديم اعتذار في غير محله، والحرص على أن نكون قدوة له في ذلك، فإذا لم نعتذر منه أبدا، فلن يقدم اعتذارا.
تبادل المهارات مع أقرانه
ووفقا لبركة، فإن من الضروري جدا أن يعلّم الطفل الآخرين ويتعلم منهم من خلال النشاطات التي يشارك فيها، وأن يترك المجال لبقية الأطفال لإظهار مهاراتهم أو الأمور المميزة التي يتقنونها أو يمكنهم أن يعلّموها للآخرين.
فربما كان أحدهم يعرف الأرقام بلغة أجنبية، أو عملات بلد ما، أو طريقة نشر الغسيل، أو وضع الأكواب بطريقة لطيفة، ويرغب في تعليم ذلك لغيره أو يتبادل مع أقرانه تلك المهارات.
يمكن أن تصنع مع طفلك بطاقات ملونة تحمل كل ما علمه لغيره أو تعلمه أثناء أنشطة معينة.
سمات الذكاء الاجتماعي
بحسب موقع "ليرنينغ ليفت أوف" (learningliftoff)، هنالك 4 خصائص للذكاء الاجتماعي، وهي:
القدرة على التعاطف مع الآخرين والأخذ بوجهات النظر المختلفة، حتى لو اختلفت الأفكار والتوجهات.
تعلم الاحترام، وهذا يبدأ بين الوالدين ليكونوا قدوة للطفل.
تغيير السلوك ومعرفة التصرف الملائم في المواقف الاجتماعية.
التأثير في الآخرين والقدرة على التفاعل معهم من دون توتر أو قلق.
الذكاء الاجتماعي مهارة مكتسبة
وأفاد الموقع بأن المدارس في مراحلها المختلفة، تلعب دورا مهما في صقل شخصية الطفل مع تطوير الذكاء الاجتماعي، من خلال تفاعله مع أصدقائه وحل المشكلات بنفسه، ليصبح قادرا على مواجهة كل النزاعات والتحديات والعقبات بثقة تامة وبلا تردد، مع تحمل مسؤولية سلوكاته بشكل كامل.
والذكاء الاجتماعي مهارة مكتسبة يمكن أن يتدرب الطفل عليها من خلال التأمل في سلوكه مع الآخرين، ومن خلال بناء علاقات إنسانية عميقة.
وعلى الرغم من ذلك، يكتسب الأطفال الذكاء العاطفي والاجتماعي من خلال تربية الآباء لهم ومن المواقف والتجارب التي يمرون بها، إذ إن كل طفل يمتلك صفات خاصة به تميزه عن غيره.
وعلى الأهل تشجيع الطفل على التحدث بما يدور في نفسه من دون خوف أو قيود، لتنمية ذكائه العاطفي، بالإضافة إلى دفعه دائما إلى حل مشكلاته الشخصية بمفرده، سواء في المدرسة أو مع أصدقائه، وكذلك أخذ رأيه في مشكلات الأسرة وكيفية إيجاد طرق لحلها.
ويمكن القول إن الظروف الحياتية المختلفة للأبوين والطفل تجعل لكل شخص سمات خاصة به، فالذكاء الاجتماعي صفة مكتسبة لا تورَّث بل تأتي من تجارب الحياة والمواقف التي يمر بها.