كيفية صلاة الجنازة

mainThumb

11-05-2023 11:53 AM

printIcon
كيفية أداء صلاة الجنازة

اختلف الفقهاء في كيفية أداء صلاة الجنازة، ومن ذلك اختلافهم في حُكم دُعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، وكيفية أدائها، وأركانها، وفيما يأتي بعض المسائل وتفصيل كُل مسألة.

دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة

اتفق الفقهاء على أن دُعاء الاستفتاح سنّةٌ مؤكّدةٌ في الصلوات التي تحتوي على رُكوعٍ وسجودٍ؛ كالفرائض، والسُنن، وصلاة العيدين، وغيرها، وأما الصلوات التي ليس فيها رُكوعٌ أو سجودٌ كصلاة الجنازة، فقد اختلف الفقهاء في قراءة الاستفتاح فيها على قولين:

المالكية والشافعية والحنابلة

قالوا بأنه لا تُسن قراءة دُعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، بدليل أنه لم يرد عن النبي أنه كان يقرأ دُعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، وأن صلاة الجنازة يُسنّ فيها التخفيف فيُناسبها ترك الاستفتاح.

الحنفية

قالو إنه يُسنّ دُعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، بدليل أنها صلاة، ودُعاء الاستفتاح سنّةٌ في بداية كل صلاة.

أداء صلاة الجنازة

إن لكلّ مذهبٍ من المذاهب رأي في كيفيتها، وفيما يأتي بيان ذلك:

الحنفية

تكون صلاة الجنازة بقيام المُصلّي بمحاذاة صدر الميت، ثُم ينوي أداء الصلاة عليه طاعةً لله، ويُكبّر أربع تكبيرات، الأولى تكبيرة الإحرام مع رفع يديه، ثُم يقرأ الاستفتاح، ويكبّر الثانية دون رفع اليدين فيُصلّي على النبي بعدها، وبعد التكبيرة الثالثة يدعو للميت ولجميع المُسلمين.

ثُم يُكبّر للرابعة، ثُم يُسلّم تسليمتين، الأولى عن اليمين وينوي بها السلام على من في يمينه، والثانية على اليسار وينوي بها السلام على من في يساره، ولا ينوي بها السلام على الجنازة، وتكون الصلاة سراً ما عدا التكبيرات.

المالكية

يقف المُصلّي عند وسط الجنازة إن كانت رجلاً، وعند منكبيها* إن كانت امرأة، ثُم ينوي الصلاة على من حضر من أموات المُسلمين، ويُكبّر أربع تكبيرات، الأولى وهي تكبيرة الإحرام وتكون مع رفع اليدين، وباقي التكبيرات بدون رفع اليدين، ويدعو بعد كل التكبيرات.

ويبدأ في كُل دعاء بحمد الله والصلاة على رسوله، وبعد الانتهاء من الدُعاء في التكبيرة الرابعة يُسلّم تسليمةً واحدة ينوي بها الخروج من الصلاة، ويُسنّ الإسرار بكل الصلاة إلا للإمام؛ فيجهر بالتسليم والتكبير ليسمعه المأموم.

الشافعية

يقف المُصلي عند رأس الجنازة إن كانت ذكراً، وعند عجزه* إن كانت أُنثى، ثُم ينوي بقلبه وينطق بها بلسانه "صلاة أربع تكبيرات فرض كفاية على من حضر من أموات المُسلمين"، ثُم يُكبّر أربع تكبيرات رافعاً يديه مع كُل تكبيرة، ويضعهما على صدره كما في الصلاة.،

ويقول بعد تكبيرة الإحرام الاستعاذة بدون استفتاح، ثُم يقرأ سورة الفاتحة بدون سورة بعدها، وبعد التكبيرة الثانية يُصلي الصلاة الإبراهيمية، وبعد الثالثة يدعو للميت بأي دُعاء ينفعه في آخرته، وبعد الرابعة يقول: "اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده".

ثم يقرأ قوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)، وبعد ذلك يُسلّم المصلّي تسليمتين عن يمينه وعن يساره.

الحنابلة

يقف المصلّي عند صدر الجنازة إن كانت ذكراً، ووسطها إن كانت أُنثى، ثُم ينوي صلاة الجنازة، ثُم يُكبر تكبيرة الإحرام مع رفع اليدين، فيقرأ الاستعاذة والبسملة، ويقرأ بعدهما سورة الفاتحة فقط، ولا يزيد عليها شيء، ثُم يُكبّر الثانية مع رفع اليدين ليقرأ بعدها الصلاة الإبراهيمية.

ويكبر الثالثة رافعاً يديه ويدعو للميت، ثُم يُكبر الرابعة مع رفع اليدين، ويسكت بعدها قليلاً من غير قول شيء، ثُم يُسلّم بعدها تسليمة واحدة، ويجوز عندهم تسليمتين.

أركان صلاة الجنازة

وهي التي لا تتحقق الصلاة إلا بها، فلو نقص منها ركنٌ واحدٌ بطلت الصلاة ووجب إعادتها، وهي:

الركن الأول

وهو النية، وهي رُكنٌ عند الجُمهور ما عدا الحنابلة الذين يرون أنها شرطاً وليست رُكناً، وجميعهم مُتّفقون على أنه لا بد من الإتيان بها في الصلاة، مع اختلافهم في صفتها كما يأتي:

الحنفية: يرون تعيين الجنازة بذكرٍ، أو أُنثى، أو طفلٍ، وإن لم يعرف المصلّي جنس الميت فيقول: "نويت أن أصلي على الميت الذي يصلّي عليه الإمام".

المالكية: يرون الاكتفاء بقصد الصلاة على الميت دون تحديد جنسه أو صفته.

الشافعية: لا بد في النية من تحديد صلاة الجنازة، ولا يشترطون تحديد جنس الميت، فإن حدّدها وظهر غير ذلك لم تصح.

الأحناف: تحديد الصلاة على "هذا الميت" إن كان فرداً، و "هؤلاء الأموات" إن كانوا جماعة.

الرُكن الثاني

وهي التكبيرات، وهي أربعٌ باتفاق جميع الفقهاء، وكُل تكبيرةٍ بمثابة الركعة.

الركن الثالث

وهو الدُعاء للميت، واختلفوا في محله:

ذهب المالكية
إلى أنه يكون بعد كُلّ تكبيرة حتى الرابعة، وأقل الدعاء قول: "اللهم اغفر له"، والأفضل بالدعاء الآتي: "اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به؛ اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته؛ اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده".

وإن كانت المتوفّاة امرأة فيدعو بنفس الدعاء بصيغة التأنيث فيقول: "اللهم إنها أمتُك، وبنت عبدك...."، وكذلك إن كان المتوفّى رجلاً وامرأة فيدعو بصيغة تجمعهما فيقول: "اللهم إنهما عبداك...".

أو إذا كان مجموعة من الأموات فيأتي بنفس الدعاء بصيغة تجمعهم، أما إذا كان المتوفّى طفلاً فيدعو له: "اللهم إنه عبدك، وابن عبدك أنت خلقته ورزقته، وأنت أمته وأنت تحييه؛ اللهم اجعله لوالديه سلفاً وذخراً، وفرطاً* وأجراً، وثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، ولا تفتنا وإياهما بعده، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهله خيراً من أهله، وعافه من فتنة القبر، وعذاب جهنم".

ذهب الحنفية
إلى أنّ الدعاء يكون بعد التكبيرة الثالثة، وليس شرطاً أن يكون الدعاء خاصاً بل يدعو له بما ينفعه في آخرته، والأفضل بدعاء: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس*، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، وعذاب النار".

ويأتي بصيغة التأنيث إن كان المتوفّى امرأة ولا يقول أثناء الدعاء: "وأبدلها زوجاً خيراً من زوجها"، أما إذا كان المتوفى طفلاً فيدعو: "اللهم اجعله لنا فرطاً؛ اللهم اجعله لنا ذخراً وأجراً؛ اللهم اجعله لنا شافعاً ومشفعاً".

ذهب الشافعية
أنه يكون بعد التكبيرة الثالثة للميت، فيدعو للميت ما شاء من الدعاء، ويكون الدعاء له بالرحمة والمغفرة وما ينفعه في آخرته، والأفضل بالدعاء المشهور، ويتقدّم الدعاء بقول: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه..." إلى آخر الدعاء.

وإذا كان المتوفّى طفلا فيدعو: "اللهم اجعله فرطاً لأبويه، وسلفاً وذخراً وعظة واعتباراً وشفيعاً، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتهما بعده، ولا تحرمهما أجره"، ويأتي بالصيغة المناسبة سواءً بالتأنيث أم التذكير أم الجمع ونحوه.

ذهب الحنابلة
إلى أنّ محل الدُعاء يكون بعد التكبيرة الثالثة، وجائزٌ بعد التكبيرة الرابعة، ولا يجوز فيما عداهما، وأقل الدعاء: "اللهم اغفر له".

والأفضل بالدعاء المشهور: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا إنك نعلم متقلبنا ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا، فتوفه عليهما، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله..." إلى آخر الدعاء، ويأتي بالضمائر المناسبة في دعائه بحسب جنس المتوفّى.

الرُكن الرابع

القيام فيها مع القدرة باتفاق جميع الفقهاء، فلو صلى قاعداً مع قدرته على القيام لم تصح.

الركن الخامس

قراءة الفاتحة، وهي رُكنٌ عند الشافعية والحنابلة فقط، وتجوز عند الشافعية بعد أي تكبيرة، والأفضل بعد الأولى، ولا يجوز قطع قراءتها أو تأخيرها عقب تكبيرة أخرى إذا شرع فيها، وإلا بطلت الصلاة، أما الحنابلة فموضع قراءتها يكون بعد التكبيرة الأولى، وكرِه المالكية والحنفية قراءتها في صلاة الجنازة، إلا أن الحنفية أجازوها إذا كانت على سبيل الدعاء.

الرُكن السادس

الصلاة على النبي بعد التكبيرة الثانية، وهي ركنٌ عند الشافعية والحنابلة فقط، وسنة عند الحنفية، وتعتبر سنة عند المالكية بعد كل تكبيرة قبل الدعاء.

الرُكن السابع

التسليم بعد التكبيرة الرابعة، وهو قول الجُمهور باستثناء الحنفية الذين قالوا: إنّ التسليم كما هو في باقي الصلوات، فلا تبطل الصلاة بتركه.

مكان الصلاة على الجنائز

إن من حق المُسلم على أخيه المُسلم أن يُصلّي عليه إذا مات، ويُسنّ أن تكون هذه الصلاة في مكانٍ مُخصّصٍ للجنائز خارج المسجد، والأفضل أن يكون في المُصلّى؛ لفعل النبي عندما صلّى على النجاشي، فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليَومِ الذي مَاتَ فِيهِ، وخَرَجَ بهِمْ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهِمْ، وكَبَّرَ عليه أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ).

أحق الناس بالإمامة في صلاة الجنازة

اختلف الفُقهاء في تحديد من له الأولوية في الصلاة على الميت على الأقوال الآتية:

الحنفية

إنّ أولى الناس بالصلاة على الجنازة أصحاب الولايات العامة، بحيث تبدأ بولي أمر الأمة إن كان موجوداً، ثُم من ينوب عنه وهو أمير المِصر، ثُم القاضي، ثُم من ينوبهم، وتنتهي بإمام الحي، وذهب بعض الحنفية إلى الندب بتقديم إمام الحي على الولي إن كان أفضل منه، ثُم يُقدّم الولي بترتيب عصبة النكاح، إلّا الأب فإنه يكون مُقدّماً على الأبناء.

ولكن يُقدّم الابن على الأب في حالة علمه وجهل أبيه، ثُم ابنُ ابنِه وَإِن نزل، ثُم الجَدُّ وَإِن عَلاَ، ثُم الأَخُ الشقيق، ثُم الأَخُ لأَِب، ثُم ابنُ الأَخ الشقيق، وهكذا الأَقرَبُ فَالأَقرَبُ كَتَرتيبِهِم فِي النِّكَاح.

وإن كان هناك ولِيّان في نفس الدرجة فيُقدّم أكبرهم سناً، وتكون الأولوية بالصلاة على الميت كما رُتّب سابقاً حتى وإن أوصى بشخصٍ يصلّي عليه؛ لأن الوصيّة عند الحنفيّة باطلة، ولا ولاية للزوج عند الحنفية لأنهم اعتبروا انقطاع الصلة بموت الزوجة؛ باستثناء إذا لم يكن للزوجة ولي فهو أولى من الأجنبي.

المالكية

يرون أن أحقّ شخصٍ بالصلاة على الميت الذي وصّى به الميت، ثُم ولي الأمر، ثُم أقرب عصبة، كالابن، فابن الابن، فالأب، فالأخ فالأقرب وهكذا، وإن تساوت العصبات في الدرجة فيُقدّم الأفضل في الفقه أو الحديث، ولا يكون للزوج الحق في التقدّم إلا في حال عدم وجود العصبة.

الشافعية

يرون أن الأب هو أولى شخص بالصلاة على الميت وإن علا، ثُم ابنه وإن نزل، ثُم الإخوة، ثُم أبناءهم، ثم بقية العصبة حسب الترتيب في الميراث، ثم ولي الأمر أو النائب، ثم الأرحام الباقين حسب القرابة، وحكم الزوج كحكمه عند الحنفية، وإن تساوى الأولياء في الدرجة فيُقدّم أكبرهم سناً.

الحنابلة

يرون أن الوصيّ العدل هو من له الأولوية في الصلاة على الميت، ثُم ولي الأمر أو من ينوب عنه، ثُم الأب وإن علا، ثُم الابن وإن نزل، ثُم الأقرب على ترتيب الميراث، ثم القرابة من الرحم، ثم الزوج، وإن تساووا في الدرجة فيُقدّم أولاهم بالإمامة في الصلوات الخمس، فإن تساووا فتُجرى بينهم قُرعة

الذين لا يصلّى عليهم

هناك أصنافٌ من الناس لا تجوز الصلاة عليهم، وهذه الأصناف:

غير المسلم

فتحرم الصلاة على الميت إن كان كافراً لقول الله: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنهُم ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُم عَلى قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَرَسولِهِ وَماتوا وَهُم فاسِقونَ).

الشهيد

فلا تجوز الصلاة عليه، وذلك لأن النبي لم يُصلِّ على شُهداء أُحد، كما جاء في حديث جابر -رضي الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ يقولُ: أيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذًا لِلْقُرْآنِ، فَإِذَا أُشِيرَ له إلى أحَدِهِما قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، وقَالَ: أنَا شَهِيدٌ علَى هَؤُلَاءِ يَومَ القِيَامَةِ، وأَمَرَ بدَفْنِهِمْ في دِمَائِهِمْ، ولَمْ يُغَسَّلُوا، ولَمْ يُصَلَّ عليهم)،[١٠] وهذا رأي الجمهور بخلاف الحنفية الذين يرون وجوب الصلاة عليه.

أما فيما يتعلّق بالصلاة على الميت في أحوالٍ أخرى ففيه تفصيل كالآتي


أما الغائب ففي الصلاة عليه خلاف:
الحنابلة والشافعية: تجوز الصلاة على الغائب، وحدد الحنابلة أن يكون بعد موته شهر أو أقل

الحنفية والمالكية: لا تجوز الصلاة على الميت الغائب، وأمّا صلاة النبي على النجاشي فكانت خُصوصية له.

لا تجوز الصلاة على الميّت قبل تطهيره بالغسل أو التيمم باتفاق الفقهاء.

لا تصح الصلاة على الميت إذا كان موجوداً خلف المُصلّين، وهذا مذهب الجمهور بخلاف المالكية الذين يرون أن تقديم الميت مندوب وليس بشرط.

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا تصح الصلاة على الميت المحمول وقت الصلاة، سواء حُمل على دابة، أو على أيدي الناس ونحوه، بخلاف الشافعية والمالكية الذين يرون جواز الصلاة على الميت المحمول.

أخطاء الجنائز

بيّن النبي أحكام الجنازة وما يلزم لأهل الميت وأقربائه فعله، ولكن قد تُوجد هناك بعض المُخالفات التي يقع بها الإنسان، ومن هذه المُخالفات والأخطاء:

التأخّر في تجهيز الميت ودفنه لغير ضرورةٍ أو حاجة، وهذا مُخالف لهدي النبي الذي يقول: (أَسْرِعُوا بالجِنَازَةِ، فإنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وإنْ يَكُ سِوَى ذلكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عن رِقَابِكُمْ).

التكاسل في الصلاة على الميت، وعدم اتّباعها حتى تُدفن، لما في ذلك من تضييع الكثير من الأُجور، وتضييع حقٍّ من حقوق المُسلم على أخيه، وهو اتّباعه بعد موته. التأخّر في قضاء الدّيْن عن الميت، فقد ورد عن النبي تركه الصلاة على أحد الصحابة لوجود دينٍ عليه حتى تكفّل به بعض أصحابه بالسداد عنه.

النياحة، وذلك برفع الصوت في البُكاء، وقد نُهي عن هذا الفعل. لطمُ الخدود، وشقّ الجيوب، ونشر الشعر أو حلقه، لما في هذه الأفعال من إبداء السخط على أمر الله، وعدم الرضا بقضائه، لقول النبي: (ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ).

إسدال شعر الميّتة على صدرها، والأولى نفض شعرها وضفائرها، وغسلها جيداً، ثُم يُجعل جميع شعرها بثلاثة ضفائر ويُلقى خلفها.

غسل الميت الجُنب والميتة الحائض غُسلين، والصواب أن عليهما غُسل واحد فقط. اتباع المرأة الجنازة، فقد نهى النبي الصحابيات من اتباع الجنائز، لحديث أُم عطية: (نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، ولَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا).

المشي على القبور، أو الجُلوس عليها. سب وشتم الأموات حتى وإن كانوا كُفّاراً.

عدم إحداد المرأة على زوجها مدّة العدّة*، وخروجها من بيتها أثناء هذه المُدّة بلا حاجة، وإحدادها أكثر من ثلاثة أيام على غير زوجها.

صلاة الجنازة

اهتمّ الإسلام بالفرد في حياته وبعد مماته، فقد كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الإحسان إلى الميت بالصلاة عليه، ومُعاملته بما ينفعه في قبره وما ينفعه يوم القيامة، وتجهيزه على أفضل وأحسن حال، والدُعاء له بالتثبيت، وتعاهده بالزيارة والسلام والدُعاء له.

ويجدر بالذكر أن صلاة الجنازة شروطها كشروط الصلاة من حيث الوضوء والطهارة من الحدثين* الأصغر والأكبر، والنية، واستقبال القبلة، وستر العورة، وسَنُبين في هذا المقال بعض أحكام الجنائز وكيفية الصلاة عليها، وتعني الجنازة باللغة والاصطلاح: تعريف الجنازة لغة عرّف أهل اللغة الجَنازة بفتح الجيم أنها للميت، والجِنازة بالكسر تكون للنعش الذي يُحمل عليه الميت، وذهب بعضهم إلى عكس ذلك فجعل الجَنازة للنعش، والجِنازة للميت، وقال ابن الأثير: إن الجنازة سواءً بالفتح أو الكسر فهي للميت بسريره.

في حين ذهب بعضهم ومنهم مُحمد بن صالح العثيمين إلى أن الفتح يُناسب الأعلى وهو الميت، والكسر يُناسب الأسفل وهو النعش.

تعريف صلاة الجنازة شرعاً يمكن تعريف صلاة الجنازة من الناحية الفقهية بأنّها الصلاة التي يُصليها المُسلمون على الميت قبل أن يُدفن.

حكم صلاة الجنازة

بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ حكم صلاة الجنازة فرضٌ من فروض الكفاية*، ومن الأحاديث الدالة على ذلك عندما ذكر الصحابة للنبي أنّ رجلاً من أصحابه توفي يوم خيبر، فقال عليه الصلاة والسلام: (صَلُّوا على صاحبِكم).

فيدلّ الحديث على أن الصلاة على الميت فرض كفاية وليست فرض عين، وإلا لصلّى عليه النبي دون الاكتفاء بقوله ذلك للصحابة، ولكنّ هذا الفرض يُصبح نفلاً* في حقّ من لم يستطع الوصول إلى الجنازة والصلاة عليها ما دام هناك جماعة أسقطت هذا الفرض الكفائي، ولكن يُستحبُّ لِكُل شخصٍ قادر على الحضور أن يحضر للإكثار من البركة والأدعية للميت.

وأمّا الحكمة من مشروعية هذه الصلاة؛ فهي لطلب الرحمة والمغفرة للميت، فهو في حالة لا يستطيع بها العمل ونفع نفسه، فمن واجب الأخوّة الإيمانية توديعه بالدُعاء له بالجنة والعتق من النار، وأن يتقبّل الله شفاعتهم فيه، ويُكرمه في قبره.

فضل صلاة الجنازة

حثّ النبي على صلاة الجنازة ورغّب بها؛ لما لها من فضائل كثيرة تعود على الميت والحي، ومن هذه الفضائل: إن الميت إذا صلى عليه أربعون رجلاً فإنهم يكونون له شُفعاء يوم القيامة، لقول النبي: (ما مِن رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ علَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لا يُشْرِكُونَ باللَّهِ شيئًا، إلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ).

إن الذي يُصلّي على الجنازة ويتبعها حتى تُدفن له أجورٌ مثل جبل أُحد، لحديث النبي: (مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، وكانَ معهُ حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ويَفْرُغَ مِن دَفْنِهَا، فإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، ومَن صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيرَاطٍ).