منتدى الاستراتيجيات يدرس ضرورة تنويع مصادر لخفض احتمالية التعرض للصدمات الاقتصادية

mainThumb

08-05-2023 03:33 PM

printIcon
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان “مورد الغاز الطبيعي في الأردن: الفرص المتاحة ضمن مسار رؤية التحديث الاقتصادي”، وقد جاءت الورقة تباعاً للتحديث الرابع لتقرير المنتدى حول مؤشر التعقيد الاقتصادي وفضاء المنتجات الأردني، كما جاءت بهدف تسليط الضوء على واقع الحال في قطاع الطاقة في الأردن بشكل عام، وامكانية استغلال مورد الغاز في تحقيق مستويات أعلى من التعقيد الاقتصادي بشكل خاص. وعليه، قدّم المنتدى في ورقته تحليلاً واسعاً حول الأهداف المنصوص عليها لمورد الغاز في الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة ورؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي.

وبحسب المنتدى، يعتبر الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة غير المتجددة وأقلها تلويثًا للبيئة، وتأتي أهميته الاقتصادية من تعدد استخداماته في مختلف المجالات، فهو يدخل كمادة وسيطة في الصناعات الانتاجية، والاستخدام المنزلي، والتجاري. وفي توليد الطاقة الكهربائية أيضاً. وفي ذات السياق، أوضحت الورقة أن استخدام الغاز الطبيعي يدخل ضمن عدة صناعات وينتج عن استخدامه مجموعة واسعة من السلع مثل الحديد، والصلب، والألمنيوم، والأسمدة، والمطاط الصناعي، والمواد البلاستيكية، والمنظفات، والدهانات، وغيرها من السلع المختلفة.

واستعرض المنتدى الأهداف المخطط لها في الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020-2030، بالإضافة إلى ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي حول مورد الغاز الطبيعي. مشيراً إلى أن الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة جاءت ضمن أربعة محاور هي: أمن التزوّد بالطاقة، وتوافرية الطاقة بأسعار مقبولة (خفض كلفة الطاقة)، والاستدامة، وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية. وفي هذا الإطار، فقد نصّت الاستراتيجية على خمسة أهداف رئيسية تتمثل في تنويع مصادر الطاقة وأشكالها، وزيادة مساهمة مصادر الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة في كافة القطاعات، وخفض كلفة الطاقة على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تطوير منظومة قطاع الطاقة في الأردن لجعله مركزًا اقليميًّا لتبادل الطاقة بكافة اشكالها. أما بالنسبة إلى مورد الغاز الطبيعي بالتحديد، فقد نصّت الاستراتيجية على هدفين رئيسيين وهما تنويع مصادر الغاز الطبيعي، واستخدام الغاز الطبيعي في مختلف القطاعات.

وقد أشار المنتدى إلى التحديات المتعلقة حول هذا المورد، مبيناً اعتماد الأردن الكبير على استيراده، وعبء خدمة الديون القديم الناتج عن انقطاعه من مصر، وعدم وصوله إلى منشآت القطاع الصناعي. وعليه، بيّن المنتدى بأن رؤية التحديث الاقتصادي قد اعتبرت أن بناء شبكة لتوزيع الغاز الطبيعي إلى المجمعات الصناعية يشكّل أحد أولويات قطاع الطاقة، كما نصّت على مبادرة إطلاق عمليات التنقيب، ودراسة جدوى المخزون الاحتياطي من النفط، والغاز، والغاز الصخري.

وفي هذا الإطار، قدّم المنتدى بعض المشاهدات حول مورد الغاز في الأردن، ومدى سير قطاع الطاقة بتنفيذ الأهداف الاستراتيجية الموضوعة له. مشيراً إلى أن الأردن يهدف إلى زيادة اعتماده على الغاز الطبيعي ليصل إلى 25% والطاقة المتجددة لتصل إلى 14%، وذلك من خلال خفض اعتماد الأردن على النفط الخام ومشتقاته ليصل إلى 51% من إجمالي خليط الطاقة.

وفيما يتعلق بمساهمة أنواع الوقود في خليط الطاقة في الأردن للعام 2021، فقد بيّن المنتدى بأن نسبة مساهمة النفط ومشتقاته قد بلغت 45.5% (3,966 ألف طن مكافئ نفط (ط.م.ن))، والغاز الطبيعي 37.5% (3,270 ألف ط.م.ن)، والطاقة المتجددة 14.3% (1,245 ألف ط.م.ن). وفي ظل تجاوز بعض أنواع الوقود مثل الغاز الطبيعي، والطاقة المتجددة، والنفط الخام، نسب المساهمة المخطط لها في عام 2030، فقد أكّد المنتدى بأن الأردن ما زال يعتمد على مصادر الطاقة المستوردة بشكل كبير، وذلك رغم انخفاضها من 90% في عام 2019 إلى 84% في عام 2021.

أما من الناحية الإيجابية، فقد أشار المنتدى إلى أن قطاع الطاقة في الأردن يسير باتجاه زيادة مساهمة مصادر الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي، حيث ارتفعت نسبة الطاقة المنتجة محلياً من 10% في عام 2019 إلى 11% في عام 2020 لتصل إلى 16% في عام 2021. وفيما يخص مكونات الطاقة المنتجة محلياً، بيّن المنتدى بأن مورد الغاز قد شكّل نسبة الإنتاج الأكبر بواقع 91.9%، بينما شكّل الإنتاج من النفط النسبة المتبقية.

أما بالنسبة لمستوردات الأردن من الطاقة، فقد تشكّلت أبرزها من النفط الخام وبنسبة بلغت 40.8%، والديزل بنسبة 21.2%، والبنزين بنسبة 20.9%، والغاز البترولي المسال بنسبة 8.7%. وفي سياق استيراد الطاقة، وعند الحديث عن مورد الغاز الذي يزدادُ سوقه عولمةً، أكّد المنتدى على ضرورة تنويع مصادر الطاقة بكافة أشكالها لخفض احتمالية التعرض للصدمات الاقتصادية. وعليه، أشار المنتدى إلى ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي أن الأردن ما زال يواجه تحدي عبء خدمة الديون القديم الناتج عن انقطاع الغاز المصري، حيث انخفضت نسبة مستوردات الأردن من الغاز المصري إلى إجمالي مستوردات الغاز من حوالي 63.5% في عام 2010 إلى حوالي 37.5% في عام 2011.

وبحسب المنتدى فيما يتعلق بالتوزيع القطاعي لاستهلاك الطاقة، فقد تصدّر قطاع النقل كافة القطاعات بنسبة بلغت 43% من إجمالي الطاقة المستهلكة في عام 2021. وقد يبرر ذلك عند النظر إلى أنواع الوقود المستهلكة، حيث بيّن المنتدى بأن نسبة استهلاك الديزل قد بلغت 37.8% والبنزين 37.2%. وفي هذا السياق، أوضح المنتدى أنه وفي حال تم تنفيذ مبادرة رؤية التحديث الاقتصادي حول بناء شبكة لتوزيع الغاز الطبيعي إلى المجمعات الصناعية، سترتفع نسبة استهلاك القطاع الصناعي نتيجةً لارتفاع استهلاك الغاز من قبل القطاع، مؤكداً على أن هذه المبادرة ستسهم بزيادة استخدام الغاز الطبيعي في مختلف القطاعات. كما ستساعد في خفض كلفة الطاقة على الاقتصاد الوطني، وخاصةً في ظل ارتفاع كُلف الطاقة المستوردة، حيث ارتفعت من حوالي 1.3 مليار دينار في عام 2020 لتبلغ حوالي 1.9 مليار دينار في عام 2021.

في إطار الأهداف الاستراتيجية لقطاع الطاقة وأهمية استغلال مورد الغاز كمدخل للإنتاج في الصناعات الاردنية، فقد بيّن المنتدى الإمكانات الإنتاجية التي يتيحها الغاز من خلال تسليط الضوء على فضاء المنتجات الأردنية الصادر عن جامعة هارفرد في عام 2020، وهو عبارة عن رسم بياني تفاعلي تصدره جامعة هارفرد لتوضيح الترابطات المعرفية اللازمة لإنتاج السلع المتشابهة وإمكانية الانتقال من انتاج سلعة معيّنة إلى أخرى، وذلك بمعزل عن القيم التصديرية لهذه السلع. وبحسب المنتدى، فقد تبيّن من فضاء المنتجات الأردني بأن أكثر المنتجات استغلالاً هي المنتجات الزراعية، كما بيّن المنتدى أيضاً بأنه عند النظر إلى المنتجات اللازمة لدعم الصادرات من الصناعات التحويلية، والمساهمة في زيادة التعقيد الاقتصادي للأردن، فإن مورد الغاز ما زال مورداً غير مستغل وفقاً لإحصائيات جامعة هارفرد. وبحسب المنتدى في حال طوّر الأردن قدراته الإنتاجية من الغاز، فعندها سيسهل الانتقال إلى السلع المشابهة من حيث المعرفة الانتاجية.
ولغايات استغلال الغاز والموارد المشابهة له، فقد أشار المنتدى إلى ضرورة البدء بإطلاق عمليات التنقيب ودراسة جدوى الاحتياطيات من النفط، والغاز، والغاز الصخري.
وفي سياق متصل، بيّن المنتدى بأن الخطة التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2023 – 2025، قد وضعت مجموعة من المبادرات والأولويات ضمن محرك الموارد المستدامة. وبحسب المنتدى فيما يخص المبادرات المتعلقة بالغاز، فقد نصّت الخطة على تزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي، وتنفيذ مشروع ربط المدن والمناطق الصناعية بشبكات الغاز الطبيعي، والاستثمار في مشروع تخزين الغاز النفطي المسال، وإنشاء قاعدة بيانات تتضمن تقارير ومنشورات موجزة حول الفرص الاستثمارية في مجال التنقيب عن النفط والغاز والصخر الزيتي. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أشار المنتدى إلى ما نصّت عليه الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة حول أهمية تطوير الانتاج في حقل الريشة الغازي لغايات تعزيز تنويع مصادر الغاز الطبيعي.

وعليه، أكّد منتدى الاستراتيجيات الأردني على أن تزويد وربط المدن الصناعية بشبكات الغاز الطبيعي له أهمية بالغة في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز الصادرات الوطنية، واستحداث فرص العمل. مشيراً إلى أن استهداف صناعات محددة تعتمد بشكل أساسي على الغاز كمدخل إنتاج يقلل من كلف التشغيل ويتيح التوسع بصناعات إما كانت متواضعة، أو أنها لم تكن موجودة في السوق بسبب ارتفاع كلف الطاقة.

وفي هذا السياق، أكّد المنتدى على ضرورة تحديد أولويات البدء بتزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي من خلال الموازنة ما بين متطلبات المرحلة الاقتصادية والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني بالنظر إلى نسب الاستثمار، والعمالة، والشركات الموجودة في المدن الصناعية.

وفي الورقة، أشار المنتدى إلى اكتشاف احتياطي فوسفات جيولوجي أولي في حقل الريشة يبلغ مقداره 700 مليون طن متري بحسب مشروع استكشاف الفوسفات الذي أطلقته وزارة الطاقة والثروة المعدنية في شهر كانون الأول في عام 2021. وعليه، أكّد المنتدى في هذا الإطار على أهمية تطوير الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، كإنتاج الأسمدة الزراعية الناتجة عن معالجة الفوسفات مثل سماد فوسفات ثنائي الأمونيوم.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد أشار المنتدى إلى أن وزارة الطاقة والثروة المعدنية قد قامت في نيسان 2023، بتوقيع مذكرة تفاهم مع الشركة العربية للتعدين للتنقيب عن الفوسفات في منطقة الريشة، مؤكدة على أنه لن يتم تصدير الفوسفات من المنطقة بشكله الخام، بل سيتم استغلاله في تصنيع منتجات تصديرية جديدة.

وفي الخلاصة، أكّد المنتدى على ضرورة تنفيذ جميع المبادرات والأولويات ذات العلاقة بمورد الغاز الطبيعي وفقاً لما ورد في الخطة التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي والاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة، وذلك لما لهذه الأولويات من أهمية في زيادة كفاءة استخدام الطاقة في كافة القطاعات، وفي تطوير منظومة قطاع الطاقة في الأردن لجعله مركزاً اقليمياً لتبادل الطاقة بكافة اشكالها، والتأكيد على أهمية استثمار هذا المورد الوطني في تمكين القطاعات الاقتصادية وزيادة تنافسية الأردن.