الخطوة مقابل الخطوة!

mainThumb

08-05-2023 10:33 AM

printIcon
أيا كانت التسمية التي أطلقت على المبادرة الأردنية للحل السياسي في سورية (الخطوة مقابل الخطوة) أو (عودة سورية للحاضنة العربية) فإن الموقف الأردني من الأزمة السورية منذ بدايتها عام 2011 استند إلى المبادئ الثابتة في السياسة الأردنية، القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحل الأزمات بالحوار السياسي، وسد الطريق على الأطراف الخارجية – بغض النظر عن نواياها – لمنع توسع الأزمة أو تعقيدها، والتحذير من أن تطويل أمد الصراعات يزيد من تعقيداتها ومآسيها.
لم يكن الموقف الأردني ليفهم كما ينبغي في مرحلة معينة من الأزمة السورية، فقد كانت المعادلة لا تحتمل الحلول الوسطى من معظم الأطراف الإقليمية والدولية، ولا تأخذ في الاعتبار بصورة كافية الضرر الفادح الذي أصاب الشعب السوري الشقيق، وأصابنا نحن في الأردن، سواء على مستوى التحوط الأمني، أو استيعاب الآلاف من اللاجئين السوريين بشكل يومي، وما ترتب على ذلك من أعباء مادية، ومسؤوليات إنسانية وأخلاقية، فضلا عن الضرر الاقتصادي والاجتماعي والمعنوي!
دائما يقف الأردن مع الإجماع العربي، لكنه لم يقطع علاقاته الدبلوماسية مع سورية بعد تجميد عضويتها في الجامعة العربية، وظل متمسكا بمبدأ إيجاد حل سياسي يضمن وحدة الشعب السوري بجميع فئاته وأطيافه، ووحدة وسلامة ترابه الوطني، وعدم القبول بأي دور للمنظمات الإرهابية في هذا الصراع، بل والتصدي لها، والقضاء عليها، ولم يقبل كذلك التدخل المسلح على أرض سورية، سواء إلى جانب النظام السوري أو ضده، لأن في ذلك ما يجعل سورية ميدانا لصراعات تتجاوز الوضع السوري ذاته إلى الحسابات السائدة في التوازنات الإقليمية والدولية، تماما مثلما هو الحال من بداية الأزمة إلى يومنا هذا!
الآن يمكن النظر إلى الساحة السورية، وإلى العلاقات العربية والإقليمية بشكل أكثر وضوحا، وجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عرض موقفه لاستعادة سورية إلى الحاضنة العربية في توقيت مناسب للغاية، وكانت الخطوة الأولى في اتجاه تشكيل نوع من (لوبي) عربي يوافق على التوقيت، ويدعم المبادرة، والخطوة الثانية في اتجاه القوى الدولية على أساس قرار مجلس الأمن 2245، مع الأخذ في الاعتبار التطورات والتغيرات التي حدثت على مدى ما يزيد على عشر سنوات منذ صدور ذلك القرار.
اجتماع عمان التشاوري قبل عدة أيام بمشاركة وزراء خارجية الأردن وسورية والسعودية ومصر والعراق، والبيان الصادر عنه يؤكد للجميع أن الإطار العام لموقف الأردن الحصيف حدد جميع النقاط التي تتركز على استعادة سورية لعافيتها بدعم عربي، وبخطوات متتالية ومتقابلة من أجل الالتقاء عند نقطة محددة، تساعد سورية على تجاوز أزمتها، وتفتح السبيل أمام عودة أبنائها إليها، وتضمن أمنها وأمن جيرانها، وتقطع دابر الإرهاب وصناعة وتهريب المخدرات، وتنهي وجود الجماعات المسلحة غير الشرعية، وتستعيد مكانتها ودورها في محيطها العربي.
ذلك هو ما سعى ويسعى إليه الأردن المبادر دائما لجمع الشمل العربي، والمدافع عن الأمن القومي، وعن مصالح الأمة وحقها في الحرية والاستقلال والحياة الكريمة.