وسط هدوء نسبي في مدينة الجنينة بإقليم دارفور السوداني، بعد معارك دامية بين المساليت والقبائل العربية، عمدت فرق الإنقاذ إلى رفع الجثث من الشوارع.
ورغم ذلك، فإن المدينة باتت تعيش كابوسا لا تحمد عقباه، حيث حذر موسى داوود يحيى، مدير الإعلام في حكومة إقليم دارفور، اليوم الأربعاء، مما سمّاها كارثة صحية في مدينة الجنينة مع توقف المستشفيات والخدمات الطبية جراء المعارك التي شهدتها أحياء المدينة خلال اليومين الماضيين.
وقال يحيى في تصريحات خاصة لوكالة أنباء العالم العربي، إن الوضع في دارفور لا يختلف كثيرا عن الوضع في بقية مناطق السودان، لكن الحرب الحالية زادت من معاناة السكان في الإقليم نتيجة الحروب التي شهدها خلال العقدين الماضيين.
كما أوضح أن مناطق الإقليم تأثرت بشدة في بداية الصراع نتيجة الاقتحامات والاشتباكات التي جرت في أسواق ومؤسسات الإقليم، مشيرا إلى أن الأيام الماضية لم تشهد وصول أي مساعدات دولية إلى الإقليم.
وقال إن هناك احتياجات كبيرة للنازحين وسكان الإقليم في ظل وجود العشرات من مخيمات النزوح، التي تعاني أصلا من نقص كبير في المواد الغذائية والطبية.
كذلك طالب الحكومة المركزية والمنظمات المحلية والدولية بتقديم المساعدات العاجلة للإقليم، قائلا إن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم.
تحذيرات لا تتوقف
وناشد بتقنين حمل السلاح في الإقليم في ظل انتشاره بشكل كبير بين السكان، مشددا على أنه لا يمكن التمييز بين المدنيين والعسكريين، وهو أمر بات يشكل هاجسا أمنيا كبيرا للحكومة المحلية والمواطنين.
مرافق صحية خارج الخدمة
في السياق ذاته، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان، إن جميع المستشفيات والمرافق الصحية والصيدليات في مدينة الجنينة غرب دارفور باتت خارج الخدمة بعد الاعتداء عليها ونهبها، مشيرة إلى نهب المخزن المركزي للدواء وسكن الأطباء ومكاتب الهلال الأحمر في المدينة.
وتحدث بيان النقابة عن أن 67% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة، قائلا إن هناك 59 مستشفى من أصل 88 في العاصمة والولايات متوقفة عن الخدمة، والعدد المتبقي يعمل بشكل كامل أو جزئي.
وذكر أن بعض المستشفيات تقدم الإسعافات الأولية فقط.، وأنها مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات والتيار الكهربائي والمياه، مشيرا إلى تعرض ست سيارات إسعاف لهجمات، في الوقت الذي لم يسمح فيه لسيارات إسعاف أخرى بالمرور لنقل المرضى وإيصال المعونات.
الوضع الإنساني مأساوي
يزخر بذكريات أليمة
يشار إلى أن إقليم دارفور الشاسع غرب السودان، والذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، يزخر بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
فقد اندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيل، وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.
ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن التوتر لا يزال مستمراً منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه. وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبياً، ليعود إلى الاشتعال ثانية.