دخلت مطعما للمأكولات الخفيفة وكنا اثنان وقد سبقني الآخر وأخذ يطلب ..
رحت أنتظره لحين أن ينتهي وما هي إلا لحظات حتى دخل أحدهم وكان رجل نظافة ، ووقف هو الآخر ينتظر دوره ليشتري لنفسه طعاما ..

بعد أن انتهى الذي أمامي من الطلب ، التفت لرجل النظافة وهمس له دون أن يحرجه :
ما هو طلبك !
ابتسم وقال : فقط سندويشة وماء ..

على الفور : أخرج الرجل من محفظته مبلغا يكفيه لعشرة سندويشات فدفعها للمطعم وقال : حسابه علي ، والباقي له .. وانصرف ..

تأثرت لهذا الموقف النبيل ولإحسانه أشد التأثر ، فهو أراد أن يدفع عنه حتى يوفر له ماله الذي يجنيه من عمله في التنظيف ..

وصممت على أن أقتدي به ، وعزمت على أن لو دخلت مطعما وصادفت نفس الموقف سأفعل مثلما فعل بما استطعت إليه سبيلا ..

وتمر الأيام وكلما صادفت نفس الموقف فعلت نفس الشيء للمساكين بما أوتيت من سعة ، دون أحرجهم وبلطف ..

مرت سنة ونصف وفي يوم كنت في كافيه أتردد عليه على الدوام .. وبينما أنا مشغول بشرب القهوة وقراءة كتاب ، اقترب مني شاب يصغرني بالسن .. فقال : أحببت أن أشكرك !!

قلت : أهلا ، على ماذا ؟
قال : رأيتك مرة في أحد المطاعم وأنت تدفع لأحد المساكين وبعدما انصرفت من المكان ، تأثرت بعملك .. وأصبح صنعك هذا عادة حسنة أصنعها للمساكين كلما رأيتهم يدخلون المطاعم .. جزاك الله خيرا .. أنت قدوة !

هنا علمت أن أي عمل قد يترك الأثر في الناس وخصوصا ما استحسنه الآخرون ..
فيقومون بتقليده رغبة منهم في الأجر من الله سبحانه ..

قلت له : لست أنا القدوة الحقيقي ، بل القدوة هو من فعلها أول مرة وترك أثرا بالغا في نفسي !

العبرة : اصنع المعروف ولا تحرج أحدا ، فلربما صنيعك هذا يصبح عادة يصنعها الملايين وأنت لا تدري ، ويجزيك الله سبحانه أجرا عظيما يذهلك .. واترك أثرا جميلا في المكان الذي أنت فيه ، وستجد جمالك يؤثر في القلوب ..
وكن أنت القدوة …….